عند اشتداد الخصام وقوة الخصم يحضر اسم المرأة الحرة الشريفة أمام الجميع، ويسمون ذلك (عزوة) أي أن الرجل الفارس ينتخي (يعتزي) بأخته كناية عن حمايته شرفها وهيبتها كامرأة من بيت له الحضور الغالب والحصانة والصون والعفاف. وقد عُرِفَتْ تلك النخوة أو العزوة للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل مؤسس المملكة العربية السعودية - جزاه الله عنَّا خير الجزاء - وهي ليست إلا نخوة لآل سعود عامة؛ فلذا يقولون عنهم: (إخوان نورة..!)، وعندما يشتد الخطب والظلم والقهر على مواطن فإنه يلجأ (بعد الله) إلى الملك أو غيره من آل سعود لحل مشكلته فيقول بصوت عالٍ مقهور: (تكفى يا أخو نورة). عندما يشتد إليه البصر والبصيرة ويتأثر السامع بكلامه؛ مع أن النخوة عند العرب شيءٌ مصانٌ لا يُقال إلا عند اشتداد الخطب وعدم نجاح أي أسلوب آخر؛ بمعنى أنه آخر أساليب التفاوض؛ وآخر الحلول. ونورة هي نورة بنت عبدالرحمن الفيصل؛ أخت الملك عبدالعزيز - رحمهم الله - وهي امرأة عُرِفَتْ بالحكمة وسداد الرأي وحسن التصرف؛ ويسمونها أم اليتامى؛ لأنها كانت - رحمها الله - تهتم باليتامى في عهد وزمن كانت الموارد قليلة جداً؛ ولا غرابة في أن تكون نورة ذات حكمة ورأي سديد في حياة أخيها المؤسس - رحمهم الله؛ لأن التاريخ العربي مليء بالنماذج من حرائر النساء اللائي كان لهن دور في سطور التاريخ وتوجيه المجتمعات مهما كانت؛ ولنورة العبدالرحمن الفيصل حكايات كثيرة نسمعها من كبار السن الذين عرفوها وعرفوا تلك الحكايات التي تفيض سداداً في الرأي والحكمة؛ وكان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - يحب أخته نورة ولا يرد لها طلباً وكانت هي تقدر ذلك الحب منه فلا تحرجه إلا عند ما ترى الرأي السديد، والوثائق التاريخية من مراسلاتها للملك تفيد ذلك. واسم نورة اسم مشتهر في العالم العربي، وقد تسلسل هذا الاسم النسائي في كثير من الأسر العربية، فتجد لدى أسرة آل سعود مثلاً كثرة اسم (نورة) بدءاً من الدولة السعودية الأولى إلى الآن. حديثي المقتضب جداً عن الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل، إنما هو لإبراز مكانة ودور المرأة في المجتمع السعودي منذ تأسيس المملكة إلى اليوم، فهي شقيقة الرجل وحليفته في حياته، ولها المكانة والاحترام؛ وهل أكثر مِن أنْ يقف الفارس أمام خصمه في المعركة وهو يقول: (أنا أخو نوره).
ص ب 102211 - الرياض 11675 فاكس 2372911
|