غداً يتطلع المسلمون في أرجاء المعمورة إلى قادتهم وهم يجتمعون في مكة المكرمة أطهر البقاع على الأرض وأقدسها على الإطلاق، وذلك في القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة التي دعا إليها خادم الحرمين الملك عبدالله. هذه القمة تنتظم في وقت أحوج ما تكون فيه الأمة إلى الائتلاف ونبذ الاختلاف، وتوحيد الصف في جو من الثقة المتبادلة والتعاون المشترك، وذلك لمناقشة القضايا الإسلامية الملحة ووضع الحلول لما تواجهه الأمة من أزمات في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. إن الحلول التي ينتظرها المسلمون من زعمائهم في غاية الإلحاح، وذلك لما يعانيه العالم الإسلامي من مشكلات حضارية خطيرة ومتعددة، إذ يعاني أكثر من نصف المجتمع الإسلامي من سوء العناية الصحية، كما أن سبعين بالمائة من المسلمين يعانون من الأمية، كذلك يضطر العالم الإسلامي إلى الاعتماد على الخارج في الحصول على أكثر من نصف حاجته من الغذاء، الأمر الذي يضعه في خانة التبعية للآخر وما يتبع ذلك من مشكلات استراتيجية حقيقية. كما يعتبر خبراء التنمية أن المنطقة الإسلامية هي من أكثر المناطق تخلفا في العالم، هذا عدا الأزمات السياسية المتفاوتة في حدتها، كالأزمة العراقية والسورية والسودانية والإيرانية وما ابتلي به العالم الإسلامي من إرهاب وانحراف فكري عن الخط الإسلامي السمح، في مقابل تعسف وإرهاب إسرائيلي منظم ضد الفلسطينيين الأبرياء، ومخططاتهم الكبرى نحو إعادة الخارطة السياسية العربية والإسلامية على نحو تصب في مصالحهم. هذا بالإضافة إلى ما تعانيه الأقليات الإسلامية في أنحاء متفرقة من العالم كجنوب الفلبين وتايلاند وشرق الصين، والأقليات الإسلامية في أوروبا والأمريكيتين. وليس على عاتق الزعماء وحدهم تقع مسؤولية النهوض بالأمة الإسلامية ووضعها على المسار الحضاري الصحيح، بل إن للعلماء والمفكرين دوراً مهماً في إنجاح هذه القمة الاستثنائية المهمة، ووضع خطة محددة الأهداف، وتعيين الآليات التي من خلالها يتم تحقيق تلك الغايات. ولم يكن استقبال خادم الحرمين للعلماء والمفكرين المشاركين في المنتدى التحضيري لمؤتمر القمة الإسلامية سوى للتأكيد على دورهم في تقديم رؤية متفحصة وعميقة لما يمكن أن يحقق التضامن الإسلامي.
|