Tuesday 15th November,200512102العددالثلاثاء 13 ,شوال 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الاقتصادية"

شيئ من المنطقشيئ من المنطق
نقاط لبداية الإصلاح الاقتصادي
أ.د. مفرج بن سعد الحقباني

تعيش المملكة العربية السعودية فترة بناء وإعادة بناء لأنظمتها وتشريعاتها الاقتصادية لتتوافق مع معطيات الواقع ولتنفض غبار الركود الذي تراكم بفعل الزمن تارة وبفعل عدم التفعيل تارة أخرى.
وتأتي هذه الروح الإصلاحية التي يقودها بكفاءة عالية فارس الإصلاح الوطني الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وبمعاونة إخوانه الكرام ورجالات الوطن المخلصين استجابةً لدوافع ذاتية تحركها الرغبة في تحسين مستوى أداء الاقتصاد الوطني بما ينعكس إيجاباً على مستوى دخل ورفاهية المواطن وبما يكفل المقدرة على منافسة ومقارعة الاقتصاديات الإقليمية والعالمية.
وإذا كانت الإجراءات التصحيحية مطلوبة لتنشيط محركات التنمية الاقتصادية، فإنها في هذا الوقت الذي يشهد قرب انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية تعتبر واجباً وطنياً ودواءً اقتصادياً لتعزيز النفوذ الاقتصادي الوطني وحماية الاستثمارات المحلية من شراسة المنافسين الذين يتميزون بكفاءة عالية ويعملون في اقتصاديات سبقتنا بخبراتها وقدراتها الإدارية والفنية والمهنية.
وإذا اتفقنا على أهمية هذه الإجراءات التصحيحية، فإن من اللازم علينا أن نحدد الآلية التي تكفل لأنظمتنا وتشريعاتنا الجديدة والمعدلة النجاح العملي الميداني الذي يساعد على زيادة كفاءة اقتصادنا الوطني ويزيد من قدرته على منافسة الاقتصاديات الإقليمية والعالمية.
وفي هذا السياق أجد أن من أهم الخطوات الضرورية التي يفترض الأخذ بها في هذا الوقت الاستفادة من تجارب الدول الأخرى بعيداً عن عقدة الخصوصية التي تُساق في بعض الأوقات ومن البعض - بحسن أو بسوء نية - مما أدى إلى بقاء بعض أنظمتنا وتشريعاتنا بعيدة عن التوافق مع معطيات الواقع ومتطلبات المصلحة الوطنية.
فنحن لسنا بدعاً من الدول بل نحن من أوائل الدول انفتاحاً على الاقتصاد العالمي ولكننا - للأسف - لم نستطع التحرك على المستوى النظامي والتنظيمي بالسرعة المطلوبة التي تكفل تهيئة الاقتصاد الوطني للمستجدات القادمة التي كان بالإمكان تقديرها وتحديد مساراتها من خلال رصد المتغيرات الإقليمية والدولية، وهذا ما أدى إلى بقاء البيروقراطية متخفية وسافرة في كثيرٍ من علاقاتنا مع الاستثمارات المحلية ورجال الأعمال وبرعاية مستمرة من بعض البيروقراطيين الذين يرون نفوذهم في بذر العقبات التنظيمية وإطالة أمد الإجراءات الإدارية.
ولعلي أضيف هنا بقول الحقيقة التي دون إدراك معناها لن نستطيع تفعيل تطلعات ولاة الأمر ولن نتمكن من تحييد البيروقراطية والبيروقراطيين وهي أننا مطالبون بتعديل ثقافة العاملين في الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بالقطاع الخاص والمتغيرات الاقتصادية حتى يمكن لهؤلاء تبديل سلوكهم العملي بسلوك ينبع من ثقافة الاقتصاد الحر والمنافسة الكاملة ومن ثقافة القطاع الخاص الذي يسعى إلى تعظيم العائد من استثماراته بعيداً عن العواطف الوطنية والاجتماعية التي لا تدخل في معادلة المستثمرين.
وهنا أرى أن الخطوة التصحيحية المهمة تبقى معلقة بقدراتنا على فهم الواقع والاقتناع بمسؤوليتنا الوطنية تجاه رعاية الاستثمارات المحلية باعتبارها العربة الأسرع لتنمية اقتصادنا الوطني وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن عقدة البترول التي لن تدوم.
وهذا بلا شك يتوقف على عقلية العاملين والمسؤولين في الأجهزة الحكومية المختصة التي نتمنى أن تتخلص سريعاً من أولئك الذين يهددون بسن تشريعات تعقيدية ويضربون بمشاعر القطاع الخاص عرض الحائط دون إدراك لمخاطر هجرة هذا القطاع الذي تسيل له لعاب الدول المجاورة.
وأخيراً لعلي أنادي بصوت مرتفع ومتكرر بضرورة إسناد مهمة إدارة بعض الوزارات والأجهزة الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار والقطاع الخاص لمن لديهم سابق خبرة ودراية بشؤون وتطلعات وهموم القطاع الخاص لكونهم ببساطة أدرى بشعاب هذا القطاع ويفكرون بنفس العقلية التي يفكر بها نظراؤهم في الدول المجاورة وأقدر على فهم الواقع وسن التنظيمات التي تتوافق مع هذا الواقع.. فهل يتحقق ذلك؟ أتمناه عاجلاً.
إشارة
أتمنى أن ندرك مبكراً أن من الممكن صياغة أفضل الأنظمة وسن أكمل التشريعات الدنيوية ولكن من غير الممكن أن نضمن نجاح هذه الأنظمة والتشريعات دون أن يكون لمن ينفذها دور مباشر في صياغتها وهذا ما يصدق في حق القطاع الخاص لدينا.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved