بدأ مفهوم الأمن الوطني - أي أن الأمن الوطني يقابله الأمن الدولي - يتبلور بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وأفردت الحكومات جهازاً مستقلاً للأمن الوطني مرتبطا برئيس الدولة. ويتسع مفهوم الأمن الوطني ليشمل جميع عناصر الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري والدبلوماسي والغذائي والمائي والفكري وأمن الثروة النفطية والمعدنية وأمن المعلومات.. ويضم مجالس الأمن الوطني رؤساء أجهزة الأمن في أي بلد ممثلاً بوزير الداخلية ووزير الدفاع ووزير الخارجية ووزير الزراعة ووزير المياه ووزير التجارة ووزير المالية ووزير البترول والثروة المعدنية، وغيرهم ممن لهم علاقة. والغرض هو تنسيق الجهود للحفاظ على الأمن الوطني الداخلي ومنع التأثيرات الخارجية، ووضع السياسات والخطط لتحقيق ذلك. ولا يُتدخل في اختصاص مجلس الأمن الوطني في الأعمال التنفيذية بل تُعمل الاستراتيجية الأمنية بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة ويشرف على تنفيذها. ويأخذ مفهوم الأمن الوطني بُعداً آخر أنه يملأ الفجوة بين سياسة الحرب وسياسة السلام عندما لا يكون هناك لا حرب ولا سلام. ويعتمد مجلس الأمن الوطني على الدراسات الاستراتيجية والأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تقوم بها مراكز الدراسات والأبحاث بالتنسيق مع الأمانة العامة للمجلس، وفي هذه الحالة يجب على من يعمل بالأمن الوطني ان يكون مستنداً على العدالة والشرعية التي يستمد منها نظامه وعمله لكي يتحقق الأمن والأمان والاستقرار المنشود، فمجلس الأمن يمسك بخيوط الاتصال لمعرفة الأسباب التي تخل بالأمن الوطني، ويعمل مع الجهات الأخرى على تلافيها قبل وقوعها وإزالة آثارها إذا وقعت دون إفراط أو تفريط، ودون استخدام السلطة والقوة والظلم كما قال الله سبحانه وتعالى {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}(82) سورة الأنعام، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (94) سورة النساء. وعندما يتعرض الأمن الوطني للتهديد من الارهاب الداخلي أو الخارجي فعندها يتطلب من مجلس الأمن الوطني التدخل والعمل على إزالة هذا التهديد ودراسة ظواهره ومعرفة أسبابه، ويلزم عند حدوث عمليات إرهابية ان يتعامل بموجب خطة الطوارئ الموضوعة من مجلس الأمن الوطني مسبقاً. والله الموفق.
(*) مستشار اقتصادي
|