Friday 4th November,200512090العددالجمعة 2 ,شوال 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

سورية.. لبنان وإيران..هوامش على دفتر النكسةسورية.. لبنان وإيران..هوامش على دفتر النكسة
حسين أبو السباع(*)

أنعي لكم يا أصدقائي اللغة القديمة
والكتب القديمة
أنعي لكم..
كلامنا المثقوب، كالأحذية القديمة..
للقصيدة السياسية (هوامش على دفتر النكسة) التي كتبها نزار قباني وقع شديد المرارة كلما تذكرنا نكسة الخامس من حزيران (يونيو 1967م)، وكلما تكررت انتكاساتنا العربية، وتذكرنا تلك القصيدة نشعر المرارة ذاتها..
والنكسة الآن، انتكاسات عديدة، على رأسها العراق الحزين الذي تشرب أراضيه الآن من دماء أبناء شعبه الذين تأكلهم التفجيرات شبه اليومية، ومن دون تفريق لا بين كبير وصغير، ولا طفل وشيخ.. تفجيرات عمياء مستبدة تأكل الأخضر واليابس..
على جانب آخر من نكسة عربية أخرى نحياها، خرج تقرير ميليس باتهامات تشير إلى تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين في حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، ولما هوجم بلغة شديدة اللهجة، عاد الكلام إلى أنهم لا يزالون في تحقيقات، ولم يجزم التقرير بأي نتائج حتى الآن.
ويصرح الرئيس الأمريكي من ولاية فرجينيا بأن سورية وإيران تصدران الإرهاب وتحميانه، وأن الموقف الأمريكي لا يتغير تجاه الإرهابيين ومن يؤيهم، وقريباً جداً سنسمع أن سورية لديها أسلحة دمار شامل، ويجب تفتيش أراضيها للتأكد من امتلاكها هذه الأسلحة من عدمه، وسيناريو عراقي جديد تتم حياكته في الظلام، وأن إيران استكملت برامجها النووية التي تمثل خطراً حقيقياً على المنطقة.
تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الشديدة والواثقة التي تدعو إلى محو إسرائيل من على الخريطة السياسية، متزعماً دعوة تحت عنوان (العالم من دون أمريكا وإسرائيل) وأن إسرائيل وجدت على أرض فلسطين كقدم للدول الاستكبارية التي لا تريد إقامة شرعية حقيقية لأصحاب الأرض الذين ينادون بأن تقام دولتهم على أقدام واثقة، بدلاً من سياسة إسرائيل القائمة على المغالطات التاريخية التي تتذرع بها لإطالة بقائها في فلسطين ما هي إلا ظاهرة لفظية أخرى باستعمال اللغة البالية التي تصك الآذان من دون مردود إيجابي لا على القائل، ولا على المتلقي.
على الجانب الآخر من الرؤية المعتمة، وجدنا رد الفعل العالمي تجاه تصريحات الرئيس الإيراني المتشدد بوجوب إزالة إسرائيل من الخريطة، وأن هذا قريب جداً، وسهل أيضاً، الدنيا قامت ولم تقعد حتى الآن، فرنسا اعترضت واستدعت السفير الإيراني لديها للوقوف على ما يقصده نجاد، ولا تزال تبعات هذه التصريحات تأخذ مسارها الذي لا يعرف أحد مداه إلا الله، في البداية طلب من إيران الكف عن تخصيب اليورانيوم، والتلويح باستعمال القوة معها، ورفضت إيران هذه اللهجة المتعالية، واستمرت فيما هي عليه.ولكن إيران تستعمل اللغة القديمة نفسها التي كنا نسمعها، وقت النكسات، التلويح الدائم بالقوة، والدخول في تفريعات بعيدة من القضية الرئيسة، وزرع بذور الذريعة التي تتذرع بها أمريكا للهجوم على إيران وقتما شاءت، ومن دون حياء، سورية ولبنان الآن متهمتان بتورط مسؤولين فيهما باغتيال الحريري، وإيران متهمة بتخصيب اليورانيوم، والعراق مغتال طوال الوقت، والسيناريو الأمريكي لا يزال يسير وفقاً لخطط موضوعة مسبقاً الهدف منها السيطرة على الوطن العربي المسلم الذي يمثل منبع الثروات التي تُسيل لعابهم.
ولا تزال الانتكاسات تتوالى طالما رضينا حالة الانبطاح التي نحياها والتحرك النملي البطيء في اتجاه التنمية، وطالما ارتضينا الخنوع والسلبية تجاه التهديدات التي دائما تصك آذاننا فإننا لن نحيا إلا انتكاسات، لنقرأ من جديد هوامش على دفتر النكسة.

(*) كاتب وصحافي مصري مقيم في الرياض

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved