جمع التراث بنوعيه الشعري والنثري والحرص على ذلك، وحفظه من الضياع والتشتُّت، جهدٌ جبّار وعملٌ جليلٌ يحفظ لأهله ممن قاموا به، ويُكتب لهم في سجلِّهم الإبداعي .. لكن المشكلة في هذا الزمان خاصة، اختلط الحابل بالنابل وأصبحنا بسبب ضعف التأليف لكثير من الكتب الشعبية لا نفرق بين الغث والسمين، وضاعت حقوق البعض حتى اتخذ الكثير التأليف تجارة تدر عليهم الكسب المادي، غير آبهين بأهمية إخراج هذه المؤلّفات بالصورة المطلوبة، وخاصة الدواوين الشعرية، والضحية تراثنا الشعبي، ومن يتتبّع الكثير من دواوين الشعر وما فيها من أخطاء ومغالطات ونقل خاطئ، وقول بغير علم، ونقص لقدر الشعراء وضعف في الطباعة وهلم جرا من السلبيات التي وُجدت في هذه المؤلّفات ولسان حال مؤلفيها يقول: (لا يهمنا بأيّ صورة تخرج المهم أنّها خرجت) وإن لم يقولوا ذلك حقيقة ما وقعوا فيه من أخطاء تدل على هذا القول، وكم من قصيدة نُسبت في ديوان من الدواوين لغير صاحبها؟ بل كم من قصيدة حُرفت؟ أو أنقصت أبياتها، إضافة إلى القصص المحرّفة وإذا ناقشت هؤلاء المؤلفين وسألتهم لماذا أخرجتم هذه الدواوين بهذه الصورة؟! .. يأتي الجواب منهم غير مقنع، وكلّ ما في الأمر - كما يقولون - بأنّهم اجتهدوا وهذا ما استطاعوا أن يصلوا إليه، وهذا ورب الكعبة عذر واهٍ، وغير مقبول، وإلاّ فالمؤلف إما أن يجتهد ويبحث بصدق متحرياً الدقة في تأليف ما يريد حتى لا يخرج بصورة ضعيفة، وإلاّ يترك هذا العمل لمن هو متقن لذلك حتى لا يضيع التراث بين المطرقة والسندان بين الباحثين عن الكسب المادي والشهرة، وبين الجاهلين بالتأليف طريقة وكيفية، وإنني أطالب وزارة الإعلام بالتدقيق في ذلك ومتابعة تلك المؤلّفات متابعة دقيقة ومنع كلّ كتاب أو ديوان شعري من الطباعة حتى يُنقح ويُراجع عدّة مرات، وإذا رُؤي عدم صلاحيته يُمنع من النشر حفاظاً على التراث بنوعية الشعري والنثري وسمعته التي شوّهها الكثير بتأليفهم الخاطئ للدواوين، واذهبوا للمكتبات في كل مكان لتروا بأعينكم هذه المؤلّفات التي أذهبت حلاوة وجمال الشعر، بل إنّها أساءت لأصحابها من حيث لا يشعرون، والمصيبة في ذلك عندما يكون الشاعر الذي أخرج له ديوان من قِبل هؤلاء المؤلفين، شاعر كبير بل من فحول الشعراء، ويُخرج ديوانه بصورة هزيلة جداً قد تسيء إلى هذا الشاعر وتحط من قدره، بل إنّ بعضها صار كذلك، فمَن للتراث يحيمه من عبث العابثين وطمع الماديين ومن هم عن الشهرة باحثين ومن طيش المتطفلين؟! .. وباختصار التأليف عامة والتراثي خاصة بحاجة لمن يقف معه ويمنع عنه من لا يجيده من المتطفلين أرباب الكسب المادي إلاّ من رحم الله، حتى تعود هيبته ونراه بأحلى صورة، ونتمتع بالدواوين عند قراءتها، ونحرص على اقتنائها في مكتباتنا المنزلية. ختاماً: كلّ الشكر والتقدير لمن اجتهد في تأليف ديوان شعري، أو قصص، أو حكم وأمثال سواء كانت هذه المؤلّفات بالفصحى أو شعبية، حتى خرجت بصورة جميلة يجد القارئ عند قراءتها المتعة والفائدة.
صالح عبدالله الزريّر التميمي الرس - ص. ب 1200
|