تعقيباً على مقال الدكتور خالد آل هميل المنشور يوم السبت الموافق 19- 9-1426ه حول (حديث خادم الحرمين الشريفين لمن يفهم لا لمن لا يفهم)؛ حيث تناول الدكتور خالد القضايا التي أدلى بها خادم الحرمين الشريفين في لقائه في ال (سي إن إي) بما فيها قضية العراق، أقول: بدايةً أعتقد أن لقاء وحديث الملك عبد الله بن عبد العزيز كان واضحاً وشفافاً من كل النواحي التي تناولها، سواء من ناحية الشأن العراقي أو الإرهاب أو من الناحية الداخلية فيما يخص قيادة المرأة للسيارة والبطالة التي لست بصدد الحديث عنها الآن. وإنما سألتقي من جديد معك يا دكتور حول الشأن العراقي، ولكن هذه المرة سأختلف معك قليلاً، فليست كل الرؤى التحليلية السياسية تصب في قالبها الصحيح، فالسياسة كما تعلم ويعلم الجميع تحمل في طياتها أبعاداً أخرى قد لا يتسنَّى لنا أحياناً معرفتها عن كثب. والشأن العراقي تحديداً يعتريه الكثير من الغموض، بداية من غزو صدام للكويت ومن ثم الحصار الذي استمر عدة سنوات إلى أن تم غزو العراق بحجة امتلاكه الأسلحة المدمرة التي أمست أحجية تحكى ولا ترى، وأخيراً سقوط صدام ومحاكمته وفتح بوابة النزاعات الطائفية والدينية. بعد هذه النظرة السريعة على تاريخ العراق الذي يصعب تفكيك أحداثه على أرض الواقع اسمح لي أن أختلف معك حول ما ذكرته من أن تقديرات الولايات المتحدة حول ما سيجري في الساحة العراقية بعد غزوها من نزاعات دينية واختلافات طائفية كانت ضئيلة، وبغض النظر عن التوغل الإيراني بحكم أن غالبية الشعب العراقي ينتمون إلى الشيعة بالنسبة إلى حجم السنة فأمريكا لا يخفى عليها أن السنة جزء لا يتجزأ من المجتمع العراقي ولا يمكن تهميشه أو إقصاؤه؛ لأنهم عنصر أساسي في استقرار العراق وإن كانت الولايات المتحدة لا يعنيها هذا التفكك الموجود والفوضي العارمة في العراق التي كانت أصلاً تعيها جيداً بمجرد سقوط صدام بقدر ما تعنيها المكاسب الاقتصادية النفطية، والدليل على ذلك سلامة الآبار النفطية من الهجمات وأن كل ما يحدث هو إحراق بعض الأنابيب الممتدة عبر مئات الكيلومترات وليس الآبار، مع ملاحظة تراجع هذه العمليات أيضاً. كذلك أعتقد أن وقوعها في المستنقع العراقي (إذا افترضنا ذلك) لم يؤثر فيها وفي سياستها الداخلية والخارجية وزحزحة مركزيتها على العالم أو في انخفاض أو ارتفاع مستوى شعبية الرئيس الأمريكي، فالسياسة لا تدخل في مضامينها مسألة الحب والكره، ومع ازدياد المعارضة الشعبية للحرب على العراق نجد أن الإدارة الأمريكية ترفض تحديد جدول زمني لا نسحابها، وهذا يعني عدم أخذ هذه المعارضة بعين الاعتبار أو العمل على تهدئتها على الأقل، ومن باب أولى أنها لا تهتم بالشعب العراقي الذي انتقل من سياسة الكبت والقهر تحت ظل قيادة صدام حسين إلى سياسة النزاع الدموي والاختلاف الطائفي الذي لا نعرف متى نهايته أو ما نهايته. ومن المستنقع العراقي الذي لم يدفع ثمنه أولاً وأخيراً سوى شعب العراق إلى مستنقع آخر نتمنى ألاَّ يقع فيه الشعب السوري، متمنين أن تتعاون الحكومة السورية مع الولايات المتحدة حتى لا تجرَّ شعبها إلى ويلات هو في غنى عنها.
وفاء محمد الضويان الرس |