الكمال لله وحده والنقص موجود في كل منشأة في أي بلد مهما كبر وعلا شأنه، لكن الناجحين هم الذين يحوِّلون النقص إلى كمال وقلة العدد إلى كثرة والنقص موجود في الإنسان الذي خلقه الله لعبادته.. لكن لو سلمنا أن هذا موجود فهل هو العقبة في طريق الإبداع؟.. هل نستغل النقص لتجييش الجيوش وتثبيط الهمم؟ هل نستغله لنقول للجميع قفوا لا تتحركوا؟.. هل نستغله لإخفاء عيوبنا وفشلنا وعدم قدرتنا على سد هذا النقص؟ هل نستغله للنميمة وتفريق الشمل والحزازات؟ هل نستغل النقص لنتوقف عند محطة (ما عندنا أحد)؟ هل نستغله لازدراء غيرنا وإظهار أننا كاملون وأذكياء وعباقرة؟ وننسى أننا بشر وفينا نقص وضعفاء ونحتاج إلى غيرنا؟. النقص عند الناجحين يحوّل إلى كمال.. وعند الناجحين يدفعهم لبذل المزيد ويدفعهم إلى سد النقص بالكمال الموجود في أنفسهم وأرواحهم وخلقهم وحبهم للآخرين. النقص عند الناجحين يدفعهم إلى المضي قدماً غير آبهين بما يُقال لبذل المزيد ولا يكترثون بالكليشة (عندنا نقص) أو يجعلون النقص مشجباً يعلِّقون عليه فشلهم. النقص ليس في الأيدي أبداً.. فالرسل تبعث وحدها وتأتي يوم القيامة ومعها آلاف مؤلّفة من المؤمنين. الكرماء والعظماء والمبدعون لا يقولون عندنا نقص وليس هذا في قاموسهم أبداً لأنهم يملكون نفوساً عظيمة مجبولة على الحب والعطاء والخلق والإبداع ولا تبحث عن الفرص لتسدد ضرباتها مع أنها قد ترد إليها. الناجحون لا يستغلونه لإبطال الحق وإخفاء الحق.. إنها العظمة في النفوس التي لا تضع النقص عقبة في طريقهم بل تصنع الفرص لتسد بها هذا النقص. النقص الحقيقي هو النقص في النفوس والنقص في الثقافة والنقص في الفكر والنقص في عدم مقياس الأمور بمقياسها الحقيقي مما يستدعي الوقوع في الأخطاء تلو الأخطاء نتيجة التخبط ومحاولة الانتقام ولأن الهدف ليس الإصلاح.. النقص ليس عيباً بل أعتبره إيجابياً وهو الذي يدفع الإنسان للنجاح. النقص هو الذي يعلمنا من هو هذا الشخص وما هي شخصيته ويحدد سلوكه ويكشف طبعه, والسوي هو الذي لا يستغله أبداً لتحقيق مآربه بل تجده يتخطاه لأنه ينظر بمنظار الصدق وحب العطاء ولو وقف عند النقص لما تقدم خطوة.. ولو كانت قلة العدد مشكلة لما انتصر المسلمون في بدر، لكنهم هزموا الكثرة بقلة العدد بسبب نفوسهم الراضية المؤمنة المطمئنة.. هزموا الأعداء بقلة العدد والعتاد لأنهم أبطال وشجعان وهمهم رفعة راية الإسلام ولأنهم يريدون إرضاء الله قبل كل شيء. النقص لا يتحدث عنه إلا من في نفسه عيب أو نقص وله هدف محدد وهو إشاعة الفوضى وإخفاء الفشل وإرضاء الغرور فقط. نصيحة لكل ذي عقل أن يفكر في نفسه وهل ما يقوم به صحيح.. وهل يقيس الأمور من مقياسه هو أو من مقياس الآخرين. إنها مشكلة كبيرة عندما نصبح (إمعات) ومع الخيل يا شقرا.. ونصبح أداة في أيدي الآخرين يشكِّلون أفكارنا ونظرتنا للآخرين وحسب أهوائهم وتفكيرهم والأدهى عندما نؤمن أنهم هم القدوة وهم على الطريق الصحيح، لكنهم لا يدركون أنهم مستغلون فقط. إنه من الغباء عندما نصدق أحداً ما إذا أتى إلينا وتحدث عن فلان وعلان، لأنه في المقابل سوف يتحدث عنا عند ذلك الشخص (فمن حكى لك.. حكى فيك).ومن الغباء أيضاً أن نقبل أن نكون مزرعة للفشل عندما نستسلم للآخرين دون أن نعطي عقولنا فرصة للتفكير والاكتشاف فربما ظهرت لنا حقائق كانت غائبة عنا نتيجة إذعاننا للآخرين.
|