Wednesday 2nd November,200512088العددالاربعاء 30 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

أضواءأضواء
الجهد العربي أبعد سيف العقوبات عن سورية
جاسر عبدالعزيز الجاسر

حققت الدبلوماسية العربية نجاحاً معنوياً بقدرتها على إقناع دول صنع القرار الدولي على إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً كونياً (مخففاً) لا يتضمن تهديداً بفرض عقوبات على سورية ما لم تتعاون مع التحقيق الدولي الذي يجريه القاضي الألماني ميليس، ويكتفي بفقرة تجيز النظر في إجراءات إضافية في حال عدم تعاون سورية.
وقرار مجلس الأمن الدولي المخفف جاء بعد جهود وعمل سياسي ودبلوماسي عربي قادته المملكة ومصر باتجاه واشنطن وباريس ولندن وموسكو وبكين، للتفاهم مع الادارات السياسية لهذه الدول وتوضيح الموقف العربي من موضوع نتائج تحقيق القاضي ميليس بخصوص جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، حيث أوضحت المملكة ومصر لهذه الدول أن الدول العربية تضم جهودها إلى جهود الأسرة الدولية بضرورة الوصول إلى الحقيقة ومعرفة قتلة الشهيد رفيق الحريري وتقديمهم للعدالة، بل إن المملكة بالذات لها موقف معروف وواضح بوجوب تقديم الجناة والمجرمين الذين خططوا ونفذوا عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني ورفاقه إلى محاكمة عادلة لينالوا جزاءهم، ليس فقط لاغتيالهم رئيس حكومة عربية، بل أيضاً للتأثيرات السلبية على الأمن العربي عامة، فالحريري لم يكن شخصية سياسية لبنانية ولا عربية مهمة فقط، بل كان سياسياً مؤثراً على المستويات المحلية والاقليمية والدولية، وكان اغتياله القصد منه إرباك الوضع العربي عامة، ولهذا فإن المملكة ومصر كانتا من أشد الدول مطالبة بالوصول إلى قتلة الحريري وإلى حقيقة ما جرى وتقديم الجناة للمحاكمة، وكانت كل الاتصالات والمباحثات التي أجرتها قيادتا المملكة ومصر مع الأطراف المعنية وبالذات مع دمشق وبيروت تصب في هذا الاتجاه.
هذا شيء مؤكد ومعروف لدى الأمريكيين والأوروبيين واللبنانيين وبالذات عائلة الشهيد الحريري، ولكن السعي لمعرفة الجناة وتعقب المجرمين لتقديمهم للعدالة شيء وتدمير شعب ودولة عربية شيء آخر، فالمملكة ومصر بل وكل العرب يخشون أن تستغل النتائج الأولية في معاقبة سورية بتكرار ما حصل في العراق، ولهذا فقد اتجهت جهود الرياض والقاهرة على احتواء الأزمة من خلال فتح قنوات اتصال مكثفة ومستمرة مع عواصم صنع القرار ومع دمشق لحث قيادتها على اتخاذ خطوات عملية للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية وتقديم ما لدى سورية من معلومات حول جريمة اغتيال الشهيد الحريري.
كما أن توظيف العلاقات السعودية المصرية الجيدة مع كل من روسيا والصين قد ساعد كثيراً في تحرك هاتين الدولتين وبالذات روسيا التي لعب وزير خارجيتها دوراً مهماً في الوصول إلى نص مقبول للقرار الدولي 1636، والتحرك الروسي أعاد للأذهان فعالية الدبلوماسية الروسية التي إذا ما تحركت ماكنتها السياسية تستطيع أن تحقق وجوداً فاعلاً لروسيا وتقارباً افتقدته موسكو كثيراً في موازاة الدبلوماسية الأمريكية. كما أن الدور الذي لعبته الجزائر من خلال ممثلها في مجلس الأمن الدولي ساعد كثيراً في ايصال وجهة النظر العربية التي نجحت في (تخفيف) القرار الدولي الذي وإن (أبعد) إلى حدٍ ما سيف العقوبات الاقتصادية، إلا أن هذا (السيف) سيظل متوارياً بانتظار تعاون أكثر من دمشق.. وجهد عربي أكثر لإعادة هذا السيف إلى غمده.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved