* القاهرة - (رويترز): في حين اعتمد مجلس الأمن الدولي مساء الاثنين، قراراً بضغط أمريكي بريطاني فرنسي، يطالب سوريا بالتعاون غير المشروط مع لجنة تابعة للأمم المتحدة تحقق في مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، يتهم كاتب فرنسي بلاده بأنّها وضعت بذور النزاع في سوريا منذ عام 1920 حين أعلنت قيام دولة لبنان. واتهم تقرير المحقق الألماني ديتليف ميليس الشهر الماضي مسؤولي أمن سوريين وحلفاءهم اللبنانيين بالتخطيط لقتل الحريري يوم 14 فبراير - شباط للهيمنة السورية على لبنان. ومن بين الأسماء التي وردت في التقرير اللواء آصف شوكت صهر الرئيس بشار الأسد ورئيس جهاز مخابراته، إضافة إلى ماهر الأسد شقيق الرئيس. وقال جيرار ديجورج في كتابه (دمشق من عصور ما قبل التاريخ إلى الدولة المملوكية) إنّ فرنسا تسبّبت في (تمزيق سوريا) حين اجتاحت قوات الجنرال جورو دمشق عام 1920 حيث استغل النعرة الطائفية الموجودة عند بعض الموارنة، فأنشأت (فرنسا) على الساحل الدولة اللبنانية، وفي الداخل حاولت فرنسا ضم السكان في حكم ذاتي محلي وأنشأت دولة حلب ودولة دمشق وجبل العلويين، ولكن الشعور الوحدوي لدى السوريين لم يضعف. وأضاف أن أخطاء فرنسا السياسية في أكتوبر - تشرين الأول 1925 بلغت ذروتها عندما قمعت الثورة الوطنية وشنّت غارات مكثفة على دمشق، وقتلت عدداً كبيراً من المدنيين ودمرت الجزء الغربي من المدينة بالكامل. وأشار إلى أن الانتداب الفرنسي على سوريا كان يخفي وراءه موقفاً استعمارياً حقيقياً، ويعمل ديجورج مهندساً معمارياً وله كتب منها (سوريا .. الفن والتاريخ والهندسة المعمارية) و(تدمر عاصمة الصحراء)، كما شارك في كتاب (زنوبيا ملكة تدمر). والكتاب الذي ترجمه المصري محمد رفعت عواد، تقع طبعته العربية في 260 صفحة من القطع الكبير، وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة وراجعه محمود ماهر طه. ومنذ اجتاحت الولايات المتحدة العراق في مارس - اذار 2003 وهي تهدد بمعاقبة سوريا بحجة أنّها تساعد مسلحين في العبور إلى العراق الذي زاد فيه قتلى الأمريكيين على ألفي جندي منذ انهيار نظام صدام حسين وسقوط بغداد بعد نحو ثلاثة أسابيع من بدء الحرب، كما تشير تقارير للأمم المتحدة إلى استمرار تدفُّق الأسلحة عبر الحدود السورية إلى فلسطينيين في لبنان. لكن ديجورج مؤلف الكتاب يعيد جذور مقولة صراع الحضارات بين الشرق والغرب إلى نحو 1400 عام، وبالتحديد إلى ظهور الإسلام في مطلع القرن السابع الميلادي. وينطلق الكاتب من مقولة الفيلسوف الفرنسي فولتير (1694 - 1778) الذي اعتبر الكراهية المتعلِّقة بالخلافات اللاهوتية أشد قسوة من أي كراهية أخرى، ووصف الإسلام بأنّه دين الخلاص والنجاة والاتجاه نحو العالم الآخر . وقال ديجورج إنّ المستعمرين الغربيين في القرن السادس عشر ارتكبوا (في جميع القارات أثناء التوسع الأوروبي أعمالا بربرية). واستشهد بقول الكاتب الفرنسي قسطنطين فرانسوا فولني (1757 - 1820) الذي تساءل، أليس الأوروبيون هم الذين ملأوا الأرض بظلمهم منذ ثلاثمائة عام، تحت ادعائهم التجارة اكتسحوا الهند وأخلوا قارة جديدة من سكانها، حيث أبادوا (الهنود الحمر) الجزء الأكبر من السكان الأصليين لقارة أمريكا، واستعمروا جزءاً من العالم بأناس سرقوهم من افريقيا .. الاضطهادات لا تتوقف ضد المخالفين لهم في ملّتهم. وحين يصل المؤلف إلى عشرينيات القرن الماضي يقول إن فرنسا عندما فرضت وصايتها على سوريا، جعلت أولوية بصورة تدعو للنفاق لمهمتها التاريخية، وهي حماية الأقلية المسيحية ورغبتها في نشر الخير وفرض نظام يؤدي إلى الاستقلال والتسامح. ولم تنطل اللعبة على السوريين الذين أعربوا عن غيظهم وخيبة أملهم واعتبروا أنه خيانة وغدر واستغلال للمبادئ العالمية، وفقدت فرنسا ثقة الرأي العام العربي بصورة نهائية وبالذات في سوريا والجزائر. وكان ألوف الجزائريين قد شاركوا في الحرب العالمية ضد الغزو النازي لفرنسا التي وعدتهم بالاستقلال ثم تخلت عن وعدها فانتفضوا في مظاهرات سلمية عام 1945، وأخمد الجيش الفرنسي الانتفاضة في عموم البلاد بقتل نحو 45 ألفاً. وفي الخمسينيات دفع الجزائريون ثمناً يراه مؤرخون غالياً في سبيل الاستقلال عبر جسر بامتداد مليون ونصف المليون ضحية، بعد أن كان الرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديجول يعتبر الجزائر أرضاً فرنسية، ويشدد على أن تمسكه بالجزائر هو دفاع عن أرض أوروبية وعن الشرف الأوروبي.
|