|
انت في
|
في الفترة ما بين 12 رجب إلى 26 رجب من عام 1426هـ قمت برحلة سياحية برفقة كل من الأستاذ خالد بن عبد الرحمن الهديب والابن عبد الله إلى كل من سريلانكا الشاي ومنفى الأبطال في السابق.
وهنا بدأت الطائرة في الهبوط فرأيت الأنهار والأشجار وجميل صنع الله في تلك الأرض. وأدركت ما للرحلات البعيدة المدى من فوائد يدركها الحس والنظر، وتأكدت لي صحة ما قاله الشافعي رحمه الله في فوائد السفر:
وأخذ شاعر آخر هذه الفوائد الخمس فنظمها في قوله:
وهناك شاعر قديم حصر فوائد السفر في ثلاثة أمور وذلك بقوله:
وكل هذا وما لم أذكره من هذا القبيل من الشعر يؤكد فوائد السفر والسياحة في الأرض بقصد الاطلاع على المعالم والمجاهل والحضارات المعاصرة وآثار الحضارات القديمة التي تنطق بها معالمها وأطلالها. ولقد رجعت إلى ما خاطبت به الطيار قبل هبوطنا أرض مطار سريلانكا فوجدته صالحاً ليكون مطلعاً لتسجيل بعض مشاهداتي فكانت هذه القصيدة:
***
بقي أن أشير إلى أن سريلانكا كانت تسمى (سرنديب) ثم سميت (سيلان) ثم أصبح اسمها الحالي سيرلانكا. وفي الفترة الزمنية التي كانت تسمى فيها (سرنديب) كانت فترة حياة الشاعر المصري الشجاع محمود سامي البارودي، ولقِّب بالبارودي نسبة إلى بلده ايتاي البارود إحدى بلاد محافظة البحيرة التي ولد فيها أحد أجداده، أما محمود سامي البارودي فقد ولد في 27 رجب عام 1255هـ الموافق 7 اكتوبر 1839م وفي هذا التاريخ كانت مصر مستعمرة من بريطانيا، ولما شب البارودي وترعرع وتخرج من المدرسة الحربية عام 1270هـ وفي تلك الآونة بدأت الدولة العثمانية تتضعضع وتضعف، وأخذ الانجليز والفرنسيون يغزونها ويستعمرون بلادها، ورأوا من البارودي ما يخيفهم حيث أخذ هو ورفاقه في التحريض على طردهم ولهذا قرر الإنجليز نفيهم إلى سرنديب فحملوا على باخرة رست بهم صبيحة يوم10 من يناير سنة 1883م في (كولومبو) التي هي الآن عاصمة سريلانكا التي تشكل جزيرة في المحيط الهادي، ومما قاله وهو يودع مصر حيث حكم عليه بالنفي الذي بقي فيه مدة تقرب 18 عاماً قصيدة مؤثرة منها(5):
وهو في منفاه تتوالى عليه أخبار نعي رفاقه في مصر إلى أن جاء النبأ العظيم وهو وفاة زوجته فأخذ يرثيها بالشعر، ومما قاله في رثائها(6):
وعطف عليه صديقه يعقوب سامي وحاول أن يأسو حزنه فزوجه من ابنته عام 1890م وينزل بها مدينة (كندى) في وسط جزيرة (سرنديب) ومما قاله من شعر وهو في سرنديب) قصيدة منها قوله:
وهناك أخذت صحته تتدهور بدءاً بضعف البصر، فعاد إلى مصر في حوالي سنة 1900م ورد إليه عباس أملاكه التي صودرت منه، وبقي شبه منعزل عن الناس ينقح دواوينه وأشعاره، ويرتب مختاراته من أشعار من سبقوه بمئات السنين إلى أن توفي في 15 من ديسمبر سنة 1904م. ********** هوامش: 1- ديوان الشافعي ص 41 2- عبد الله هو أكبر الذكور من أبنائي، الذي يحمل درجة البكالوريوس في اللغة الانجليزية من جامعة الملك سعود. 3- أبو فهد هو الصديق والشاعر الرقيق الشعر محمد الفهد، وقد تمنيت انه كان برفقتنا ليحيط بوصف الرحلة في قصيدة تكون أعم وأشمل من قصيدتي. 4- الحقيل هو الصديق الأديب الشاعر حمد عبد الله الحقيل الذي ألف الكثير من الكتب المتنوعة وطاف كثيراً من بلاد العالم. 5- ديوان البارودي 4-5. 6- البارودي رائد الشعر الحديث لشوقي ضيف ص 92. 7- ديوان البارودي 2-101، 100 - 99. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |