الحمد لله على نعمة يسديها ومنحة يجليها ويواليها، وله الشكر على عطاء يسره وأنعم به.. من رحم الصعوبات يولد النجاح ومن قلب التحدي تشرق شمس النصر وتتجلى البطولات، في بادرة حضارية ومشاريع استراتيجية واعية حيث قامت إدارة التربية والتعليم في منطقة الرياض بافتتاح مجموعة من مراكز تدريب الطلاب في عدد من مدارس مدينة الرياض، وهو إنجاز يذكر فيشكر، والفضل لا بد أن ينسب لأهله، فلله الفضل أولاً وأخيرا، ثم لكل من دعم هذا المشروع ومنهم سعادة الدكتور عبدالله المعيلي، ومساعده د. منصور بن سلمة. لا يخفى على مطلع أننا نعيش في زمن كثير التحديات شديد التعقيدات متنوع الخيارات يجعل من أمثال تلك المشاريع حاجة ملحة وليست أمراً كمالياً. يقول ثورو وهو مفكر أمريكي بارز: (إن مهارات قوة العمل والتعليم هي السلاح الأكثر مضاء وسيكون هو الورقة المرجحة الرابحة في أي سباق تنافسي أما الثروات الطبيعية فستظل تتراجع أمام المهارات التي تصنع الإنسان وتعده للحياة العامة والاجتماعية) انتهى كلامه. ويلاحظ ما توليه المؤسسات بكافة توجهاتها الربحية وغير الربحية من أهمية بالغة للتدريب والإنفاق عليه وبسخاء حيث أدركوا المكاسب العظيمة التي سيحصلون عليها، والفوائد الجمة من جراء العملية التدريبية لأفرادها.. إن الحياة لا تعمر بالخير ولا تحفل بالسعادة بدون فهم دقيق للحاضر والاستعداد المتئد للمستقبل وهذا يكون بالاستثمار أولاً في العنصر البشري وتأهيله تأهيلا مناسبا، والطالب وهو محور العملية التربوية وركنها الركين وهو الذي تتقاطع عنده جميع العناصر المؤثرة في المسيرة التعليمية ويقضي هذا الطالب على مقاعد الدراسة قرابة ستة عشر عاما يتعاطى فيها مع المعلومة غالبا وهو في تلك المراحل الخطيرة في حياته في عزلة تامة عن المهارات الحياتية العامة التي غيبتها أساليب التعليم التقليدية للأسف. نحن في هذه المرحلة مدعوون جميعا إلى اطراح ثقافة الاستنساخ المعرفي ومعرفة قوانين لعبة النجاح إن طلبناه والتوجه مباشرة إلى عملية سبك متقنة بين فهم دقيق لماضينا مع قراءة واعية لنتاج الحاضر واستقراء تجلياته، ومع كل هذا فالمسلم مطالب بالتفاؤل مع العمل؛ فالتفاؤل هو الذي يمدنا بالطاقة الروحية المعينة على تجاوز -بإذن الله- كل العقبات. المسلم يجب أن يقود هذا العالم بتعاليم دينه التي تكفل العزة والسلام للجميع، وهذا يتطلب أن نتحول من مستوردي ومتلقي الثقافات إلى مصدرين لها والانتقال من دائرة التأثر إلى التأثير. إن التطلع للمستقبل هو الكوة الصغيرة التي نتنفس منها عبق النجاح. إن إدارة التربية والتعليم بمنطقة الرياض بتبنيها إقامة مراكز تدريب للطلاب تحمل راية التغيير والعمل على صناعة الرجال، ونتطلع إلى أن يكون لتلك المراكز دور فاعل في نقل شبابنا مع موقع المتفرج إلى دور الفاعل العامل وأن يسهم في صناعة جيل منتظم التفكير قوي الشخصية نافذ الإرادة رفيع الذوق مخلص لدينه ووطنه يعيش لغيره كما يعيش لنفسه. سيعمل التدريب الفعال على الرفع من قدرة الطالب على الملاحظة وتنمية مهارة الربط بين الأسباب والمسببات وبين المقدمات والنتائج إضافة على المهارات الاجتماعية التي تعد منه شخصاً قادراً على فن الاتصال مع ذاته ومع الآخرين كمهارات التواصل والتحلي بروح الفريق والتفاعل والوصول إلى حلول وسط إضافة تنمية وعي الطالب تجاه تأكيد الذات وتشرب معاني الإيجابية في مختلف نواحي الحياة. ليس أضر على الطالب من أن تحاط حياته بسياجات شديدة الإحكام مخنوقة الأجواء لم يعتد معها على التعبير عن مشاعره أو بيان خلجات قلبه ودوافن نفسه وكامن مشاعره، عن طريق تلك الدورات سيمتلك الطالب مهارة التعبير عن ذاته، ستعمل إشاعة ثقافة التدريب في أوساط الطلاب على تربيتهم على حب الجمال المعنوي، كما ستقدم في عقولهم شرارة الإبداع ويتعلمون من خلالها مهارات التفكير إضافة إلى قيم الاهتمام بالوقت وتقديره كمنتج حضاري. إن مفاهيم التدريب الحديثة تعمل على خلق توازن بين جوانب الشخصية المتعددة روحية وعقلية ونفسية واجتماعية. أجدد الشكر لكل من سعى وبذل وشارك في تأسيس تلك المراكز وظهورها بهذا المنظر المشرف.. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
|