دأب بعض الحكام العرب أن يدرجوا الشعوب العربية برمتها في مهاتراتهم الشخصية، وأهوائهم ورؤيتهم الشخصية في خلط مفجع بين الخاص والعام، بين الشخصي والأممي، بحيث تنتفي ملامح الأمة، وتبقى كتلة واحدة مذعورة خانعة ومستجيبة للأوامر، ولا بد أن تنبثق على السطح بين الفينة والأخرى، فترة من التوتر والحملات الصحفية التي تصل إلى مستويات الملاسنة، والتي ينخرط فيها جميع البطانة الإعلامية وعلى رأسها وزارة الإعلام التي تجيِّر جميع أساليبها المباحة والمحرمة لتنخرط في حرب سيادة الرئيس. عندها يصبح الديكتاتور هو الجماعة، والجماعة هي الديكتاتور تحزن وتفرح تصادق وتعادي، تحارب وتنسحب وتقذف أبناءها وخيرة مقدراتها الاقتصادية في أتون حروب عبثية وفق أسماء الأصدقاء المرضي عنهم والمرصوفة فوق أجندته الخاصة. وبادرة خادم الحرمين الشريفين عندما استجاب بصورة فورية لاستغاثة العائلة الليبية وطفلتها الصغيرة التي عجز النظام الصحي البدائي هناك أن يقدم العلاج لطفلة تحتضر، إنما هو يشرع لقانون جديد في العلاقات الدولية، قانون ظل غائباً عن المخيلة العربية لزمن طويل، حيث الشعوب وعلاقات الدين والعروبة بينها تبقى... والأفراد زائلون، وفوق هذا كله تبقى الإنسانية هي الأهم في الأمر، حيث موقعنا ومكاننا ولقبنا... مملكة الإنسانية. *** أشار الأستاذ عبد الرحمن العشماوي في مقالة سابقة له إلى تناولي لرواية (بنات الرياض) الصادرة حديثاً، وحيث إن هناك خطأين فادحين في طرحه أحببت أن أوضحهما له: - فرواية (فرانسوا ساغان) هي رواية معاصرة ولا تمت للثورة الفرنسية بصلة، وبما أن الثورة الفرنسية قامت عام 1789، فأي قارئ عادي لديه معلومات أولية عن الآداب العالمية يعلم بأن رواية ساغان هي رواية كُتبت في الستينيات من القرن ولا علاقة لها من بعيد أو قريب بالثورة الفرنسية. - الأمر الآخر أنه جعل من بقية مقاله خطبة وعظية، رصف بها ما تسنى له من المواعظ والنصائح والتحذير والتنفير، بل وصل به الأمر إلى استتابة الروائية!! وهذا بالتأكيد يتقاطع مع النقد ونظرية الأدب وعلاقته بالواقع، تلك النظرية التي ولدت بواكيرها على يد الأصمعي منذ قرون، والتي تتصدى لجميع من يحاول جعل الأدب منشورات (أيدولوجية) محتشدة بالزعيق والركاكة والفجاجة. وفي النهاية ندعو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علَّمنا.. وأن يعلمنا ما ينفعنا.
|