|
انت في "الاقتصادية" |
|
في الغالب أن الممنوع ممنوع على الجميع ولا يحق لأحد أن يتجاوز حدود المنع النظامي إلا بمخالفته للنظام تحت مظلة لا تحترم النظام أو ترى ذاتها فوق النظام.. وفي الغالب أن هنالك نظاماً للجمارك يسمح بدخول المسموح به من السلع الضرورية والكمالية وهنالك جهات حكومية متخصصة تراقب الأسواق المحلية وتمنع الممنوع من السلع والخدمات التي قد يكون أصحابها استطاعوا تمريرها جهاراً أو نهاراً عبر الحدود والمنافذ الجمركية.. وفي ضوء ذلك فإن من غير المنطقي أن نجد سلعة يسمح بمرورها عبر المنفذ الجمركي ولا يسمح ببيعها في محلات التجزئة إلا أن تكون من السلع ذات الاستعمالات الخاصة التي تستورد فقط لهذا الاستعمال ولا يسمح بتداولها من قِبل الجميع كبعض الأدوية أو السلع العسكرية والأمنية ونحوها.. لكن عندما تجد سلعة ليست من هذا النوع ويسمح باستيرادها من قِبل تجار الجملة الذين يقيمون لها المخازن الكبرى ويحصلون في سبيل ذلك على جميع التراخيص النظامية من البلدية والدفاع المدني والتجارة ونحوها ومع ذلك تجد أن بيعها في الأسواق يُعد مخالفة يستحق صاحبها العقاب وتستحق هي المصادرة والإتلاف.. هذا بالضبط ما يحدث في أسواقنا - مع كل أسف - حيث نجد أن الأجهزة المختصة - رغبة منها في المحافظة على الإنسان والممتلكات - تطارد بائعي الألعاب النارية وتصادر وتتلف ما يوجد بحوزتهم، وهذه الأجهزة المعنية تقوم بجولات تفتيشية على محلات بيع ألعاب الأطفال وتصادر العرائس بداعي حرمتها الشرعية وغير ذلك من حالات الازدواجية الغريبة في المعالجة النظامية.. فإذا كانت هذه السلع ممنوعة حسب نظام وزارة التجارة فلماذا سُمح للتاجر الكبير باستيرادها في الأصل، ولماذا سُمح له بتجاوز نقاط التفتيش الجمركي، وإذا كان قد خالف النظام فلماذا لا يزاول نشاطه على مسمع ومشهد من الجميع، وهل يعقل أن يسمح لهذا التاجر الكبير باستيراد الممنوع ويمنع المستثمر الصغير من بيع هذه السلعة في الأسواق المحلية؟.. فإن كانت ممنوعة فهي ممنوعة على الجميع ويجب محاسبة المخالفين للنظام سواء الذين تجاوزوا بالسماح لهذا التاجر بالاستيراد أو الذين تجاوزوا بالسماح لهذه السلعة بالنفوذ عبر المنفذ الجمركي، أو الذي تجاوز بمنح التاجر رخصة المستودع ونقاط البيع المتعددة، وإن كانت غير ممنوعة فلماذا يدفع المستثمر الصغير تكلفة عدم جودة تطبيق التعليمات من بعض الأجهزة الحكومية أو عدم وجود آلية للتنسيق بين هذه الأجهزة عند الرغبة في إقرار أو منع تداول بعض السلع والخدمات.. وفي هذا السياق أتسأءل عن السبب الذي يجعل المصادرة هي العلاج الأخير بينما يُوجد العديد من الحلول التي قد تكون أقل أثراً على المستثمر الصغير وأكثر نفعاً لاقتصادنا الوطني؟ فلماذا على سبيل المثال لا تعاد هذه السلع إلى التاجر المستورد لها ويلزم بإعادة تصديرها لتدنية التكلفة الوطنية بدلاً من إتلافها وحرقها والذي يعني في الحقيقة إتلافاً لرأس المال الوطني.. ولماذا لا تلزم أجهزة المراقبة الداخلية بالأنظمة التي تعمل بها أجهزة المراقبة الخارجية والجمركية حتى لا يكون هنالك تضارب وتناقض في التطبيق يكون ضحيته في المقام الأول النظام ثم المواطن والمستثمر الصغير؟ فهل يتحقق ذلك؟ الله أعلم. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |