الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.. أما بعد: أيها المسلمون قال الله في كتابه العزيز {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ } وقد أجمع المسلمون على أن صيام رمضان فرض على كل قادر وركن من أركان الإسلام لا يصح إسلام المرء إلا بأدائه أما فضائله وما لصائمه من أجر عند الله ان هو أخلص النية وصام كما أراد الله فهي أكثر من أن تحصى. ذكر البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه). أيها المسلمون: ان المتعمق بوعي وادراك وانصاف في كل ما فرضه الاسلام أو نهى عنه من المحرمات يتضح له ان تزكية الروح والسمو بالعقل يكادان يكونان أهم ما عني الإسلام به لتربية وتكوين المسلم المثالي الصالح والعضو النافع في جماعة المسلمين. لهذا نرى كل تعاليم وتشريعات هذا الدين تدعو إلى تقويم شخصية المسلم وتحثه على ان يبتعد عن مواطن الضعف الروحي والتخاذل النفسي وتحثه أيضاً على مكارم الأخلاق فيما يقول ويفعل. فالصوم مثلا فريضة فرضها الله وجعلها من أركان الإسلام وفيه ما لا يخفى من التعب والمشقة على النفس والجسم ولكن ليس القصد من ذلك التعب والمشقة وانما القصد طاعة الله والتهذيب والاعداد وتربية الروح والصوم بالاضافة الى الثواب العظيم الذي يناله عليه المسلم هو بمثابة خط حماية يحمي الانسان من استعباد الشهوات والهوى وسيطرة الملذات التي هي أقوى سلاح في يد الشيطان للفتك بالمسلم. ولهذا جاء في الحديث (الصوم جنة) بضم الجيم - أيها المسلمون ان هذا الشهر هو اشبه ما يكون بميدان فسيح يتسابق فيه المؤمنون وجائزة السبق العظمى هي خير من الدنيا وما فيها ألا وهي مغفرة الله ورضوانه والعتق من النار فاحرصوا ايها المسلمون وشمروا للعبادة والعمل الصالح في هذا الشهر العظيم.
عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ |