|
انت في
|
العشر الأواخر من رمضان تبدأ من ليلة الحادي والعشرين من رمضان، وتنتهي بخروج رمضان سواء كان ناقصاً أو تاماً، فإن نقص الشهر فهي تسع، وإطلاق العشر عليها تغليباً للأصل أنها عشر لا تسع.
تحري ليلة القدر فمن عظيم فضل هذه العشر أن فيها ليلة القدر، وهي أعظم ليالي العام، فهي خير من ألف شهر، فلو قدّر للعبد أن يجتهد ويواصل عبادة ربه قرابة أربعة وثمانين عاماً، ليس فيها ليلة القدر؛ لكان قيامه ليلة القدر وحدها خيراً من هذه السنوات الطوال، وهذا من عظيم فضل الله وإنعامه على هذه الأمة. قال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إيماناً) أي إيماناً بالله وتصديقاً بما رتب على قيامها من الثواب. و(احتساباً) للأجر والثواب. وهذه الليلة في العشر الأواخر فعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) متفق عليه. وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع، لحديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان). رواه البخاري، وهي في السبع الأواخر أقرب، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (التمسوها في العشر الأواخر - يعني ليلة القدر - فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي). رواه مسلم. وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين لحديث أبي بن كعب وقد - قيل له: إن عبد الله بن مسعود يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر - فقال أُبيُّ: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثنى - ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين وأمارتها أنْ تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها، رواه مسلم. فجدير بالمسلم أن يتحرى هذه الليلة، وأن يحيي وقته ذكراً وتسبيحاً وتلاوةً واستغفاراً. ويستحب الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر). وإنما تُلتمس بالعمل الصالح لا بأن لها صورة وهيئة يمكن الوقوف عليها بخلاف سائر الليالي كما يظن بعض الناس، إنما قال تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}، وقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ..} فبهذا بانت عن سائر الليالي فقط والملائكة لا يراهم أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم. اعتكاف العشر: هو من أجل الأعمال في العشر الأواخر، وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده، فالاعتكاف مشروع مستحب، وهو لزوم مسجد لقربه على صفة مخصوصة. ومقصوده عكوف القلب على الله تعالى والخلوة به، ويستحضر المعتكف النية الصالحة فيه مع احتساب الأجر، واستشعار الحكمة منه، وأن يلزم مسجده ولا يخرج إلا لحاجة ضرورية، مع المحافظة على السنن والأذكار مطلقها ومقيدها، كالرواتب والضحى والقيام وأذكار طرفي النهار وأدبار الصلوات وغير ذلك، والإكثار من قراءة القرآن، والإقلال من الطعام والنوم وكثرة الكلام فيما لا ينفع، مع النصيحة للمسلمين والتواصي بالحق والصبر. في رمضان، وخاصة العشر الأواخر في غير سرف ولا مخيلة، لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل - عليه السلام - يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن، فإذا لقيه جبريل - عليه السلام - كان أجود بالخير من الريح المرسلة. قال في المجموع: والجود والإفضال مستحب في شهر رمضان، وفي العشر الأواخر أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف؛ ولأنه شهر شريف فالحسنة فيه أفضل من غيره؛ ولأن الناس يشتغلون فيه بصيامهم، وزيادة طاعتهم عن المكاسب، فيحتاجون فيه إلى المواساة. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |