Monday 24th October,200512079العددالأثنين 21 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

ولا يزالون مختلفين!ولا يزالون مختلفين!
نادر بن سالم الكلباني

الغالبية من الناس في تعايشهم مع الآخرين يميلون إلى التركيز على رؤية الفروقات التي تفرق بينهم وقد يمضي الكثيرون إلى ما هو أبعد من ذلك بأن يجعلوا هذه الفروقات التي بينهم والآخرين هي أساس تميزهم وشعورهم بالأفضلية أو علو مكانتهم، والعكس أيضاً صحيح؛ ففئة من الناس تجعل دائماً الفروقات الموجودة بينها وبين الآخرين أساس شعورهم بالدنيوية وبقلة شأنها مقارنة بما يمتلكه الآخرون.
وعلى أثر هذا الشعور الفوقي أو الدنيوي تأتي تعاملات الكثيرين مع بعضهم بعضاً بعيدة عما جبلت عليه النفس البشرية السوية من ميلها وحبها للتعايش مع بني جنسها فيما يجمعها من صفات تفوق ما يفرق بينها.
نحن مع كل اختلافاتنا نتفق في أمورنا الأساسية.. فطعم الألم الذي يشعر به المريض واحد بغض النظر عن لونه وجنسه أو مكانته بين الناس.. وطعم الفرح واحد مهما تباينت فروقاتنا واختلفت تصنيفاتنا، وهكذا يمكن أن نقول عن الجوع والعطش والغضب وغيرها من الصفات الغريزية التي تجمع الجميع تحت دائرة ما يسمى الإنسان، والتركيز فقط على ما بين الناس من فروقات عند التعامل معهم هو أمر غير سويّ يمنع التواصل النفسي والإنساني المفترض مع الآخرين، ويتسبب في منع الاستفادة الإيجابية من هذه الاختلافات عندما لا يتحقق التكامل بين الناس.
لا شك أنه يوجد العديد من الفروقات بين الناس، سواء من الناحية العقلية؛ فهذا ذكي وهذا لا، أو من الناحية التكوينية والشكلية؛ فهذا أسود والآخر أبيض، وهذا طويل والثاني قصير، ومن الناحية الاجتماعية بالفقر والغنى ومكانة الشخص في مجتمعه، لكني أرى أن هذه الاختلافات بين الناس هي من كبرى النعم التي منّ الله علينا بها لإثراء حركة الحياة في هذا الكوكب الجميل الذي هو الآخر يعيش الاختلاف في تضاريسه ومناخه وطبيعة أهله من مكان لآخر ومن قارة لأخرى.
من هذا المنطلق أزعم أن الاختلاف في الأفكار والأحوال والأشكال والقدرات ما هو إلا تنوع مطلوب لإثراء حركة الوجود على الأرض وبدونه سنحرم من جمال الوجود؛ فإنا لا أتخيل عالماً يعيش فيه أناس يحملون نفس الوجوه والصفات أو حديقة بأزهارها لها نفس اللون والرائحة؛ فتميز أحدنا بشيء لا يقلل من تميز الآخر بضده؛ فقيمة الشيء إنما تبرز بوجود ضده.. وتبقى الحقيقة الثابتة أنه رغم هذا التنوع العجيب فيما بيننا تبقى صفات الإنسان وغرائزه التي وضعها الله فيه هي القاسم المشترك الأعظم فيما بيننا والتي يجب أن تذوب عندها كل الفروقات والاختلافات الأخرى.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved