لا يجدي سوى العمل الطوعي المخلص مع كارثة مثل التي حلت بباكستان، وحسناً فعلت المملكة بقياداتها وشعبها عندما فتحت باب التبرع ليجود كل بما لديه تجاه هذه المحنة الإنسانية التي عجز العالم حقيقة في التعامل معها، غير أن هذه المبادرة السعودية أعطت النموذج لكيفية مواجهة هذه الكارثة التي فاقت وقائعها كل كوارث الزلازل التي ضربت العالم في العقود الأخيرة.. ويسجل للمملكة أنها تفاعلت مع الأزمة بعد ساعات من وقوع الزلزال، فهي لم تنتظر مناشدة من الرئيس الباكستاني أو الأمين العام للأمم المتحدة لكي تقف إلى جانب شعب شقيق في محنة ماحقة ساحقة، بل صدرت التوجيهات الفورية من خادم الحرمين الشريفين بتقديم 500 مليون ريال لباكستان لمواجهة متطلبات عمليات الإغاثة والإخلاء وغيرها من مهام عاجلة، وأعقب ذلك توجيهات أخرى ببدء جسر جوي لنقل المؤن والأدوية بل والوجبات اليومية للضحايا الذين ينتشرون في مساحة واسعة من أرض باكستان ومن كشمير.. لقد جعلت عدة عوامل من كارثة الزلزال الباكستاني أزمة ذات مواصفات خاصة ومصاعب جمة، فطبيعة المنطقة التي حدث فيها الزلزال هي طبيعة جبلية صعبة، كما أن الزلزال دمر الكثير من الطرق، الأمر الذي استوجب وجود الكثير من المروحيات لتنفيذ الأعمال الإغاثية.. ومع مرور الأيام بدا من الواضح أن المجتمع الدولي لم يستطع التفاعل بالصورة المثلى مع الكارثة، مما دعا الأمم المتحدة، المحبطة من بطء استجابة المجتمع الدولي وضآلتها إلى مناشدة العالم إلى الإسراع في مساعدة الضحايا.. ولهذا ولغيره فإن الكثيرين من المراقبين قدروا كثيراً الجهد المبذول من قِبل المملكة تجاه الكارثة، وذلك من خلال المقارنات السريعة التي قدمتها دول العالم مجتمعة في مقابل ما قدمته المملكة لوحدها.. ولهذا أيضاً فقد تم اعتبار هذا الجهد السعودي مثالاً طيباً في التعامل مع كارثة بهذا الحجم، وهو مثالٌ ينبغي أن يُحتذى من قِبل الآخرين، خصوصاً مع إدراك الطبيعة الصعبة لمنطقة الزلزال حيث ما زالت قرى بأكملها معزولة بسبب العوائق الطبيعية الموجودة أصلاً فضلاً عن المصاعب الناجمة عن الزلزال.. لقد تضافر الجهدان الحكومي والشعبي في المملكة ليقدما صورة طيبة للمجتمع المسلم وهو يهرع لمد يد المساعدة للأشقاء، وقد تزامنت هذه البادرة الخيرة مع أيام الشهر الكريم الذي تتسارع فيه الخيرات وتتعاظم فيه مظاهر التراحم وتشرئب فيه النفوس لعمل كل ما يرضي المولى عز وجل..
|