أحصيت أكثر من عشرين رسالة هاتفية خلال أقلّ من عشرين ساعة في يوم واحد وصلت إلى هاتفي... وحين تمعَّنتُ في مضمونها، وجدتها قد صُبغت بروحانيّة عالية؛ إذ جميعها بين دعاء، وحديث شريف، وأقوال جميلة تذكّر بعبادة، أو تبشِّر بأجر، أو تدعو إلى عمل صالح... وتذكّرت أنَّ مثل هذا المضمون لا يجلِّل الرسائل الهاتفية في غير رمضان إلاَّ ما كان من أفضال يوم الجمعة حيث تردني رسائل شبيهة... دفعتني هذه المضامين الرَّاقية، ذات السَّمو، والرّوح الإيمانية ذات البعد... إلى أن أشرك القارئ الكريم؛ للتفكّر معي في الإجابة عن سؤال واسع الأبعاد: ترى هل المؤمن لا يحتاج إلى أن يكون حديثه، أو رسائله، أو مبادلاته مع الآخر على هذا المستوى من العبارات الجميلة النَّقية السَّليمة التي يتغلغل أثرها في نفسه، ويكون دافعاً لخير، أو رادعاً لشر؟ ثمَّ، إنَّ رمضان لا يمنع أن تكون الصلاة والعبادة والصوم عن كلِّ ما يخدش الإنسان في غيره، بل هو وقفة مراجعة وتطهير لكلِّ ما يصوره خلال الأيام في غيره من الشهور، مع وجوب العبادة والشعائر الأخرى في غيره... رسائل الهاتف في رمضان، تؤلِّب نحو تعميمها في غيره، وجعلها السلوك التبادلي بين الواحد والآخر...، ربَّما لأنَّ في مضامينها ما يعين المرء على مسلك الجادَّة ليعرفه، ومن ثمَّ ينهجه... فما لم يُدْرك لا يُتْرك.. وما كان الإنسان بحاجة إليه لا يُفرَّطُ فيه... وهذا المخزون الثَّري من الأقوال النَّافعة، والمأثورات الحكيمة، كفيلٌ بتذكير من نسي، وتعليم من جهل... إذ في رمضان حكمة الصّوم وتعليمه، سُلّمة للأيام الأخرى لممارسة الصَّبر على ما تعلَّم ليسلكه... هي عبارات قليلة لكنَّها مؤشر إلى وعي أكبر... ومحرّضة لسلوك أجمل...
|