Monday 24th October,200512079العددالأثنين 21 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

أضواءأضواء
شجاعة عمرو موسى
جاسر عبدالعزيز الجاسر

في البدء لا بد من تحية وتقدير للأستاذ عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية؛ على شجاعته -أولاً- في الذهاب إلى العراق، والتنقل في بغداد من المنطقة الخضراء إلى جامع أم القرى إلى النجف وصولاً إلى أربيل، فهذا الرجل العربي تنقل بين أرجاء العراق منطلقاً من قلب العراق (بغداد)، إلى وسطه (النجف) ثم شماله (أربيل).
ومع أن التنقل في بغداد بين الرصافة والكرخ، والالتقاء بالفرقاء العراقيين كلهم، يعد مخاطرة وشجاعة لم يقدم عليها من يقيمون في بغداد، فحكام العراق الجدد لا يخرجون من (قلعة المنطقة الخضراء)، والآخرون كلٌ يتحصن بموقعه ويحتمي بحراسه، لا يخرجون إلا بمواكب مسلحة؛ بعد تربص سيارات الزرقاوي المفخخة، وكمائن منظمة بدر، كلٌ يقتل على الانتماء.
وسط هذه المخاطر غامر عمرو موسى وذهب إلى قلب المعركة.. ومعركته لم تكن فقط تأمين الحماية الشخصية، بل تأمين الإقناع لإبقاء العراق ضمن حظيرته العربية، فبعد سيطرة الصفويين الجدد على وسائل الإعلام العراقية، وتسلق الشعوبيين المناصب الحساسة والمؤثرة، تنامى العداء لكل ما هو عربي في العراق، يغذيه من أصبح بيدهم القرار، وتروج لهم وسائلهم الإعلامية.
أمام هذا التحدي كله قَدِم عمرو موسى إلى عاصمة المنصور، ولم يتراجع وهو يواجه الأسئلة الاستفزازية التي يوجهها من يُحضِرونهم إلى المؤتمرات الصحفية التي كانت تعقد بعد كل لقاء أجراه الأمين العام في بغداد، وكأن هؤلاء الصحفيين محققون، يستجوبون الأستاذ عمرو موسى، الذي كان عليه في - نظر هؤلاء - أن يوضح أدوار الجامعة، وما يجب عليها أن تقوم به لمساندة العدوان الأمريكي على الشعب العراقي وتأييد الغزو.. وكأنه كان عليها أن تصمت عن تجويع الشعب العراقي إبان الحصار الاقتصادي!!
هكذا يريدون لجامعة الدول العربية أن تكون عوناً لقوات الغزو الأمريكية والبريطانية مثلما فعل الحكام الجدد للعراق..!!
وكم كان عمرو موسى رائعاً وشجاعاً وهو يواجه هؤلاء بدبلوماسية مترفعة، لم يتراجع عن مواقعه العروبية والصادقة، وقدم درساً في الوطنية للذين أبدلوها بالانكفاء نحو الطائفية والشعوبية، ولأنه كان واضحاً وصادقاً ويتعامل مع كل جهة.. وكل شخص حسب حجمه الطبيعي، فقد نجح عمرو موسى في الحصول على موافقة الأطراف العراقية كلها، والجهات التي تؤثر على الأوضاع السياسية والأمنية في العراق، على عقد مؤتمر الوفاق الوطني العراقي في العاصمة المصرية في منتصف الشهر المقبل، بمشاركة ثمانين شخصية عراقية.
عمرو موسى ربما يكون الدبلوماسي الأول الذي ينجح في الحصول على موافقة الشيخ علي السيستاني، والشيخ حارث الضاري، والزعيم الكردي مسعود البرزاني، معاً، على مبادرة عربية، إضافة إلى موافقة الأطراف العراقية المشاركة في الحكومة كلها، بدءاً من عبدالعزيز الحكيم، وجلال الطالباني، وإبراهيم الجعفري، وحاجم الحسيني، وغازي الياور، إضافة إلى القوى العراقية الفاعلة على الساحة العراقية، كهيئة علماء المسلمين، ومكتب الشهيد الصدر. وهذا ما لم يتحقق من قَبل، لا من قِبل ممثلي الأمم المتحدة، ولا مبعوثي الدول.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved