* جدة - صالح الخزمري: في ورقة د. يوسف العارف العارف التي بعنوان (العرب والغرب.. تاريخية العلاقة) قدّم بمقدمة عن الفضاء العام للورقة، حيث اعتبر أنَّ قراءة الموضوع تمتْ في ظل نظريات الدورة الحضارية سواء في بُعدها الفكري عند العرب (ابن خلدون مثلاً في قيام وسقوط الحضارات وفق التفسير الإسلامي للتاريخ حسب النص القرآني ونظرية التغيير الاجتماعي للمفكر العربي الجزائري مالك بن نبي) أو في بُعدها الفكري عند الغرب (شبنجلر مثلاً وتوينبي، نظرية صراع الحضارات لهتنجتون، ونظرية نهاية التاريخ لفوكوياما). وبدأ د. العارف ورقته برؤية مفاهيمية عن العرب والغرب، حيث اعتبر أن المفهوم الكلي لمصطلحي العرب والغرب من خلال اتجاهات ثلاثة: اتجاه الجنس والقومية واللغة، اتجاه الجغرافيا والموقع، واتجاه العقيدة والدين والهوية. وفي مرحلة التعالق الايجابي والتعايش المنتج قال: إن هذه المرحلة بدأت منذ أن وعي العرب كينونتهم وأنهم جزء من الكل، فتفاعلوا ثقافياً مع جيرانهم واستفادوا.. ولما ارتبط العرب بالإسلام تحولت الحضارة العربية إلى العقل والتأثير فامتدوا نحو الغرب في صور متلاحقة تمثلها الفتوحات الإسلامية لنشر الإسلام. ومن أمثلة التعايش بين العرب والغرب: - ترجمة كتب التراث اليوناني. - البعثات التعليمية من الأندلس وإليها. - أصبح العلماء الإسلاميون هم المصدر للعلماء الغربيين. - الحضارة الإسلامية أصبحت هي المرجعية. - كان العرب هم المركز الثقافي والحضاري والغرب هم الأطراف. - ثم هذا الأثر في جو من الحميمية. أما مرحلة التعالق السلبي فقد بدأت منذ أن دب الضعف في الحضارة الإسلامية بعد سقوط الأندلس، ومن سمات هذا التحول: - تحولتْ صور المركز والأطراف. - تحولت صورة الغرب المستهلك والمتأثر إلى صنع الحضارة وتصديرها. - قامت الحضارة الأوروبية عبر الحريات الديمقراطية. - بدأ التغريب والغزو الفكري. وختم بمرحلة النهضة والانبعاث، حيث اعتبر د. العارف أن بدءها كان منذ بدايات القرن العشرين، وتشكلت عبر الفعاليات التالية: - رفع شعار العروبة. - البدء في مرحلة النضال الوطني. - التمهيد لمرحلة التمدن. وكان من أبرز ملامح هذه المرحلة ما عرف بالحوار الأوروبي في القرن 21. وخلص إلى القول ان هنالك تداخلاً بين الأنا العرب - الإسلام والآخر - الغرب الأوروبي، كلاهما على شاطئ البحر المتوسط من كل جهاته الأربع. * الزميل عادل خميس وصف الورقة بأنها تفتقر إلى العمق، وأبان أن فكرة الالتقاء لو تم التركيز عليها كان يمكن أن تبحث في العلاقة التاريخية من جانبين. فيما اعتبرت الاستاذة سعاد عثمان أن هناك غربا أمريكيا وغربا متبلورا بشخصه، وأبانت أن هناك تاريخا طويلا من الصراع بين الشرق والغرب، فالغرب ينظر إلى الشرق بأنه يعاديه، فيما ينظر الشرق إلى الغرب بأنه يستعمره. وأوضحت أن خصوصيتنا هي المستهدفة. وضربت أمثلة باكتشافات العرب القدماء، فأول من برز في التحليل النفسي هو ابن سيناء، وأول من بنى علم الاجتماع هو ابن خلدون، أما حضارة الغرب فهي حديثة. ووقفت سعاد على الفرق بيننا وبينهم، حيث انهم في فترة من فتراتهم وقفوا وقفة تأمل وأدركوا ما هي اخطاؤهم وتركوا لمخيلتهم العنان، من هنا انبعثت تيارات المدارس والأكاديميات، مقابل ذلك تراجع العربي وعاش الجمود.. وأبانت أن علينا أن ننهل من العلوم والتكنولوجيا متمسكين بالقيم. فيما اعتبر سحمي الهاجري أن ورقة د. العارف ورقة متماسكة، ولكنه يبدو أنه كان يرد على العنوان الواسع الذي اعتمدته الجماعة ويقول: هذه بضاعتكم ردت إليكم. وتساءل سحمي: ما قراءتنا لما قُدم؟ هل يعني أننا مقتنعون؟ د. العارف اعتقد أنه مقتنع. واعتبر ان الموضوع أشمل من تضييقه في الدين، فالدين في حد ذاته أحد العوامل المحركة للطاقات، وما يسمى بالحوار هو حوار بين سلطات سواء في الغرب أو الشرق، والأمر يحتاج إلى قراءة أكثر عمقاً. * تساؤل تطرحه الأستاذة زينب غاصب عن تفلت الأنا الإسلامية عن الأنا الغربية، مع أن المسلمين يعرفون أنفسهم ويلصقون ذلك بالآخر، وما هي الحلول؟. فيما اعتبر الأستاذ غياث عبد الباقي الورقة متكاملة ومفهومة وذات عمق تاريخي، وأبدى إعجابه بالخط الذي سار فيه حديثه عن كل مرحلة، ووقف عند مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (نحن أمة أعزها الله بالإسلام فمتى ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)، فإن كنا نلوم ذلك العز والحضارة فعلينا العودة إلى الله. وقال: لقد رأينا كتاب الغرب حيث يصفون العالم الإسلامي بالإرهاب فيما يصفون أنفسهم بالحرية. وأشاد بالوسطية التي يدعو لها المنصفون من الغرب. وقال: والغرب اليوم يشن حرباً صليبية، فعلينا ألا نخدع بشعاراته، فتاريخه معروف. سهام القحطاني وقفت عند العلاقة بين الغرب والشرق، حيث اعتبرت انه لا يمكن عرضها بالطريقة التي عرضها د. العارف، وقالت لقد كانت تجربة الأندلس تجربة عظيمة. الكاتب نبيل زارع تساءل عن استخدام لفظتي الاستعمار والاحتلال ومسألة النهضة، وتساءل عن دور الشيوخ المتفتحين، وأكد حديث سحمي الهاجري عن الدين. فيما استدرك علي المالكي الترتيب التاريخي على الورقة وتساءل: هل الأزمات هي التي تشكل الثقافة؟.. واستدرك على د. العراف قوله ان الغرب لا توجد فيه اختلافات دينية، وذكره بأن الاستشراق أنجز اعمالاً ومنها المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وهو يعلم خلاف ذلك. أما د. أحمد الغامدي فاعتبر أن الورقة حددت أبعاد العلاقة مع الغرب ثم انطلق من حديث زينب غاصب حول سبب تخلفنا. واعتبر أحمد العدواني ان الموضوع كان يمكن طرقه من زاوية أعمق من ذلك. وتساءل عن السبب في ايعاز ازدهار الغرب إلى توتر العلاقة مع الشرق. الكاتب أشرف سالم يؤيد من حيث الشكل علي المالكي ومن حيث المضمون سحمي الهاجري، فيما تحدت الأستاذ عبد المؤمن القين من زاوية اعلامية قرآنية عن ماهية العلاقة بين الغرب والشرق، فيما وصف أحمد الشدوي الورقة بأنها كانت خلاصة لأهم الموارد العربية وأمهات الثقافة العربية، والورقة لم تبد أي رأي. * وعوداً إلى ذي بدء، علق د. يوسف العارف على المداخلات، وأبدى اعجابه وتقبله النقد بصدر رحب، واعتبر أن الورقة تحمل رأي كاتبها، وإن كانت تميل إلى آراء سابقة. أما مسألة النهضة والانبعاث التي أثارها نبيل زارع فقد قرأها د. العارف في ظل النهضة الحضارية التي قال بها مالك بن نبي وغيره، وصحح لعلي المالكي ما لاحظه عن فترة انتهاء الاستعمار، حيث قال هي 100 سنة وليست الحضارة. واعتبر أن موضوع الصراع العربي الغربي يعود إلى فترة ظهور الإسلام، وشدد على مسألة الاستعانة بعلوم الغرب. وأبدى في ختام حديثه اقتناعه بما قاله في ورقته.
|