بحضور معالي مدير جامعة القصيم الأستاذ الدكتور خالد الحمودي، وجمع من أساتذة الجامعة والمهتمين بالشأن الثقافي أقام نادي القصيم الأدبي ببريدة ورشته الأولى لهذا الموسم، تحت عنوان: (سيرة المصطفى في رمضان) وكان المتحدث الرئيسي في هذه الورشة الأستاذ الدكتور سليمان بن حمد العودة- أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة القصيم. استهلت الجلسة بكلمة لرئيس النادي الدكتور حسن بن فهد الهويمل، حيث رحب بحضور معالي مدير جامعة القصيم وببقية الحضور من أساتذة الجامعة والمهتمين، أوضح بعدها أن الغاية من هذه الورش والجلسات التي يقيمها النادي ضمن أنشطته الثقافية وبشكل دوري كل أسبوعين مناقشة قضية من القضايا المتصلة بالشأن الثقافي أو الاجتماعي أو الأدبي أو التي تتزامن مع المناسبات الوطنية والتوعوية، يستضاف فيها شخصيات من أهل الاختصاص، وأن هذا النشاط لا يأخذ صفة محاضرة أو ندوة وإنما هو عبارة عن جلسة حوارية مفتوحة، يكون فيها متحدثا رسمياً وبعد ذلك يتم طرح الموضوع للنقاش والحوار فيما بين الحاضرين، حيث يتم من خلال هذا الحوار الخروج بتوصيات لما يمكن طرحه في موضوعات مستقلة. أوضح بعد ذلك الدكتور الهويمل أن اختيار هذا الموضوع لجلسة هذا اليوم يتزامن مع حلول شهر رمضان الكريم، وقد استضاف النادي خبيراً ومتخصصاً في هذه القضية، وله إسهامات متميزة في التاريخ الإسلامي، وهو الأستاذ الدكتور سليمان بن حمد العودة الذي سيفتتح الحديث بشكل مختصر، كي لا نحمله مسؤولية المحاضرة كاملة حول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ويخص منها ما يتعلق بشهر رمضان. بعد ذلك انتقل الحديث للدكتور العودة مبتدئاً بالثناء على النادي وإدارته لإقامة مثل هذه الأنشطة ولاختياره للموضوعات المهمة وأسلوب تداولها، حيث إن الحديث فيها ليس حديثاً (محاضراتياً)- إن صحت التسمية- بقدر ما هو حديث فتح آفاق في مجالات متعددة، وحديثنا هذا اليوم عن السيرة النبوية أشبه بمطارحة ومداولة في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عموماً وفي شهر رمضان على وجه الخصوص. وأشار الدكتور العودة إلى الكم الهائل من الباحثين والدارسين المتقدمين منهم والمتأخرين الذين كتبوا في السيرة النبوية، وبهذا الصدد أشار إلى كتاب ببليوغرافي يهتم بما ألف عن السرة عنوانه: (معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم). حيث يقول المؤلف في مقدمة كتابه: (سلخت من عمري في تأليف هذا الكتاب ثلاث سنوات، بيضت هذا الكتاب أكثر من مرة وسودته مرات كل ذلك أبتغي الكمال لأنني أكتب عن سيرة رجل عظيم، ثم تبين لي أنني مهما أجهدت نفسي فإنني لن أصل إلى هذا المبتغى الذي تشوقت إليه)، وعقب قائلاً: إن هذا الكتاب يعتبر بحق من الجوامع لمؤلفات السيرة النبوية وهو يقع في (400) صفحة، وفي كل صفحة عشرة مؤلفات أو أكثر، وأنه لا عجب ولا غرابة في ذلك، لأن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم تستحق مثل ذلك وأكثر، وإذا كان العظماء على مدار التاريخ يعنى الناس بهم من خلال الكتابة عنهم وربما ألفت عنهم العديد من الكتب، فمحمد صلى الله عليه وسلم يجمع العظمة بمناحيها كلها، وهو بشهادة غير المسلمين الرجل العظيم، ويكفي أن أحد الغربيين يقرأ في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بل ومن الذين يكتبون فيها يقول: إن البشرية لتعتز بانتساب رجل لها ك(محمد)، ثم يقول: وسنكون نحن الأوربيين من أسعد الناس لو وصلنا إلى قمة تعاليمه عام 2000م أو بعد فترة من الزمن. ثم أضاف الدكتور العودة أن مجرد الكتابة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هي إحدى معجزاته مستشهداً بقول ابن جزم في كتابه : (الفصل في الملل والنحل) أن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم لمن تدبرها تقتضي تصديقه وتشهد بأنه رسول الله حقاً، وأنه لو لم يكن له معجزة غير سيرته لكفى، ثم استشهد بعد ذلك بالعديد من المؤلفات التي كتبها بعض المستشرقين. بعد ذلك انتقل الدكتور العودة إلى الحديث عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ولضيق الوقت فقد اكتفى بالإشارة ثلاث قضايا فقط هي: - قضية التواضع في رمضان على وجه الخصوص. - قضية الجهاد في رمضان. - مخالفته لأهل الكتاب وبالذات في رمضان. فقال عن قضية التواضع إنها كانت صفة ملازمة للرسول صلى الله عليه وسلم ولكن في رمضان كان أكثر تواضعاً، واستشهد على ذلك في حادثة جرت في مسجده الذي كان يصلي فيه ورواها أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، حيث قال: استهلت السماء فأمطرت فوكف المسجد فبصرت عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح ووجهه ممتلئاً طيناً ووحلاً، هذا المسجد وبهذا البناء المتواضع الذي تخرجت منه قوافل المجاهدين كان أشبه بجامعة، ثم تحدث عن تواضع الرسول عليه الصلاة والسلام في قضية الإفطار حيث إنه كان يفطر على ماء إن لم يجد تمراً وهو من أعظم النماذج على التواضع. أما عن قضية الجهاد فقال: كانت حياته صلى الله عليه وسلم عامة، حياة جد واجتهاد، وكانت تزداد أكثر في رمضان، حيث تحقق العديد من الانتصارات في رمضان، ويكفي أن تعلم أن يوم الفرقان كان في رمضان، وكذلك يوم الفتح، واستعرض بهذا الصدد بعض الغزوات التي حصلت في رمضان. أما عن القضية الثالثة وهي قضية مخالفته لأهل الكتاب في رمضان فيقول: إن المتأمل في سيرته عليه الصلاة والسلام في رمضان يرى أنها ظاهرة وأنه كان يركز فيها على قضيتي: السحور والإفطار، حيث كان صلى الله عليه وسلم يؤكد على قضية السحور ويوصي بتأخيره، وأنها فارق ما بيننا وبين أهل الكتاب، وفي الفطر كان يأمر بتعجيل الفطر على عكس أهل الكتاب الذين كانوا يؤخرونه، واستشهد على ذلك بعدد من الأحاديث النبوية الشريفة. بعد ذلك ترك المجال لبقية الحاضرين للحديث والمناقشة حيث استفاض الحديث وتشعب مما كان له الأثر الطيب في إثراء هذه الجلسة، وقد أكد الجميع على ضرورة استمرار مثل هذه الورش وضرورة تنوعها لتشمل جميع المجالات. وفي ختام هذه الورشة كانت هناك كلمة لمعالي مدير جامعة القصيم أشاد فيها بدور نادي القصيم الأدبي ببريدة في تنشيط الحركة الثقافية والأدبية في المنطقة وتمنى على النادي أن يستمر في طرح العديد من القضايا من خلال هذه الجلسات الحوارية وكذلك من خلال أنشطته المنبرية، ومن جهته أبدى استعداده لتقديم كل التسهيلات لمشاركة الأساتذة والمختصين في الجامعة في أي نشاط يمكن أن يسهموا في إنجاحه. وقد وعد بأن يكون متحدثاً رسمياً في إحدى الجلسات القادمة نزولاً عند رغبة الحضور، يترك تحديد موعدها بعد التنسيق مع إدارة النادي. أدار جلسة الحوار الدكتور حسن بن فهد الهويمل الذي أثنى على طرح الدكتور سليمان بن حمد العودة، ودعا الحضور إلى الاهتمام بمثل هذه الجلسات العلمية، وطلب منهم طرح ما يرونه من موضوعات للتداول في الجلسات القادمة.
|