Monday 24th October,200512079العددالأثنين 21 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

الحبر الأخضرالحبر الأخضر
(مؤسساتنا الخيرية والطريق المتحد)
د. عثمان بن صالح العامر

كنا إلى عهد قريب نعرف الجمعيات الخيرية في بلادنا المملكة العربية السعودية متخصصة في المساعدات المالية والعينية التي تُدفع للفقراء والمساكين والمحتاجين والسائلين وإن كانوا مجهولي الحال لا يعرف هل هم أغنياء أم فقراء.. وحتى نظرتنا لمن يعمل في هذه الجمعيات أو ينخرط ضمن منظومة المتطوعين كانت أقل مما يجب، بل ربما كانت عند البعض دونية وللأسف الشديد. واليوم ولله الحمد والمنة يحظى العمل الأهلي التطوعي - مع كل ما يوجَّه إليه من سهام - في بلادنا حفظها الله ورعاها باهتمام كبير على مسارات عدة، ما جعله يتميز بالقوة والفعالية الملموسة على أرض الواقع، معتمداً في ذلك كله بعد توفيق الله على تكامل المقومات الأساسية في بيئة العمل الخيري وعلى رأسها المساندة التنظيمية والدعم المادي من قبل ولاة أمرنا حفظهم الله وتبرعات أهل الخير الحريصين على دعم أعمال البر وانتشار ثقافة التطوع بالوقت والجهد في بنية التفكير الجمعي لدى شريحة عريضة من أفراد المجتمع. والنتيجة الطبيعية انتشار مظلة العمل الخيري في جميع مناطق وجُل محافظات بلادنا الغالية، بل ربما تسابقت مدن وقرى نائية لاحتضان جمعية خيرية ينتفع بها المحتاجون. ليس هذا فحسب، بل الأهم من ذلك كله تنوع البرامج التي شملت العديد من الفئات والشرائح، وامتدت إلى مسارات وأنشطة كان لها أكبر الأثر في خدمة قضايا المجتمع (الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية والطبية).. ومثالاً على ذلك الجمعيات التي تتجه إلى تأمين السكن الملائم لمن هم أشد ما يكونون حاجة إلى ذلك.. ولجان تيسير أمور الزواج.. ولجان إصلاح ذات البَيْن.. ومراكز الأحياء التطوعية.. وجمعيات ولجان أخرى كثيرة ومتنوعة البعض منها متخصص في خدمة المرضى، وأخرى لعلاج المدمنين، وثالثة للمدخنين.. ولذوي الاحتياجات الخاصة جمعية متميزة بكل ما تعنيه الكلمة، وأروع ما فيها القدرة على الوصول إلى الناس والمحاولة الجادة لبث الوعي لديهم. ولعل (جرب الكرسي) ومن قبل برنامج (عطاء الطلبة) دليل واضح على ذلك.. والسجناء وأسرهم تهتم بهم (اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم)، وهي من اللجان التي لها هدف سام وغاية نبيلة أقل ما نقدمه لها الدعم مادياً ومعنوياً. وقد أعجبني كثيراً (برنامج الأم المثالية من أسر السجناء) الذي ابتكرته اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بمحافظة جدة. والفكرة تولدت كما ذكر لجريدة الرياض يوم الجمعة الماضي 18-9-1426هـ المدير التنفيذي للجنة الأستاذ عبدالله عبدالمجيد من القناعة التامة بالدور الفاعل للمرأة السعودية التي تتحلى بصفات الصبر والاحتمال والاحتساب أثناء سجن رب الأسرة. ولفت انتباهي الأسبوع الماضي حين كنت في رحاب مكة المكرمة اللوحات الإعلانية في شوارع العاصمة المقدسة عن مشروع (تعظيم البيت) التابع لجمعية مراكز الأحياء في العاصمة المقدسة.. فكرة رائعة تضاف إلى ما سبق. ونشرت صحف الأسبوع الماضي عن ميلاد لجنة (تزويج المعوقات في الجمعية الخيرية بحائل)، وقد سبق أن كتبت في هذه الزاوية عن هذا المشروع الرائع العام الماضي. وهناك من انبرى للاهتمام بالموتى وتجهيزهم.. وهناك من توجه نحو البحث العلمي والدورات التدريبية المجانية ودروس التقوية لأبناء الأسر الفقيرة.. وهناك، وهناك.. ومع ذلك فإنني أعتقد أننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من التنوع والتخصص في المؤسسات الخيرية الأهلية وتوسيع دائرة المشاركة التطوعية من قِبَل المواطن السعودي بتشجيع الانخراط في هذه الجمعيات، وتفعيل الجانب الدعائي بشكل أوسع من أجل التأثير الإيجابي وبناء صورة ذهنية أفضل مما هي لدى البعض من فئات المجتمع السعودي.
وأعتقد أن شهر رمضان المبارك يعد بحق فرصة سانحة للقائمين على العمل الخيري في هذا البلد المعطاء لإعادة الحسابات، والعمل الإعلامي الجاد المبني على دراسات ميدانية متخصصة تقرأ أوراق الماضي بعين الناقد الباحث عن التجديد والتطوير، وتستفيد من معطيات الواقع العالمي والمحلي، وتبحث عن النقاط المضيئة المشجعة على تخطي العقبات في سجلنا التاريخي الحافل بأعمال البر، وتعترف بالأخطاء في السنوات الماضية بكل شفافية وصراحة بعيداً عن المواربة وتلمس الأعذار، و...
إن هذا العمل هو أولى الخطوات المهمة في إعادة بناء الصورة الذهنية الإيجابية عن جمعياتنا الخيرية لدى الغربي قبل العربي؛ إذ يعتبر الإعلام في نظري أحد الأنظمة الأساسية في بناء الوعي المجتمعي وتصوره الذهني عن مختلف ميادين الحياة، ولا أخال أن هذا الأمر يخفى على القائمين والمنتظمين في سلك وزارة الشؤون الاجتماعية المشرفة على هذه الجمعيات، ولكن أحببت أن يكون لي شرف التذكير مرة أخرى في هذا الشهر الكريم.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved