استَجَبْتُ لصاحبي إذْ دعاني
لطعامِ الإفطارِ في رمضانِ
ومشيتُ إليهِ مَشْياً حَثيثاً
ووصلتُ إليهِ قبلَ الأذانِ
ودعانا إلى الطعامِ فَقُمْنا
واتَّخَذْتُ بينَ الرفاقِ مكاني
ونظرتُ فخلتُ أني ملكتُ
ألفْ بطنٍ ولي أُلُوفُ البَنَانِ
قلتُ يا أيها المُضِيفُ الظريفُ
لكَ شكري يا صاحبيَ وامتنانيِ
قدْ تَكلّفْتَ والضيوفُ قليلٌ
والطعامُ لو صمتُ عاماً كفانيِ
عشراتُ الأطباقِ ذاتُ المَذَاقِ
أتْقَنَتْها أمُّ البناتِ الثَّمَانِ
أنا لا أعذِلُ الكريمَ ولكنْ
كنْ كريماً بحكمةِ واتِّزانِ
قالَ يا صاحبيِ خلقتُ كريماً
ولدي لوْ ذبحتُهُ ما عصانيِ
غيرَ أنيِّ يا ضيفنا المُتَعَنِّي
أفْتَدِيْهِ بناقتي وحصانيِ
لا أرىَ في الإسرافِ شيئاً ينافي
ما يراهُ ذوو العقولِ الرزانِ
لا أحبُّ الدَّجاجَ إن الدَّجاجَ
طائرٌ عاجزٌ عنِ الطيرانِ
وجميعُ الأسماكِ لا أشتهيها
رِيْحُها عكسُ ريحةِ الزَّعْفَرانِ
والتّيُوسُ تصدُّ منها النفوسُ
هلْ رأيتَ التيوسَ فوقَ الصوانيِ
إنما بالخروفِ ألقى ضيوفيِ
رفعوا سُمعتِي لقاصٍ ودانيِ
شحمُهُ فوقَ لحمهِ طبقاتٌ
ولحاهُمْ نديةٌ بالدهانِ
لا أُباهيِ يَكفيِ بأنّ شياهي
مُنتقاةٌ من الخرافِ السمانِ
وإذا ما سَألتَ عني فإنيِّ
أناَ والجودُ يا أخي توأمانِ
هذهِ عادتي وتلكَ طباعيِ
قلتُ أنتَ إذنْ وحيدُ الزمانِ
أيُّها المُسرِفونَ هلاَّ سألتمْ
كمْ فقيراً طعامهُ الأسودانِ
كم يتيماً إذا نظرتَ إليهِ
سترى البؤسَ واضحاً للعيانِ
وضحايا الحُروبِ في كلِّ شبرٍ
منْ ثَرَى الأرضِ عرضةٌ للهوانِ
والمُعَاقُونَ كمْ يعانونَ يا منْ
لو تَراهمْ تشيبُ قبلَ الأوانِ
والكلامُ علىَ الشِّفاهَ بَلِيْدٌ
فمتىَ يفهمُ البليدُ المعانيِ
إنما المؤمنونَ منْ كلِّ لونٍ
أخوةٌ في محبة القرآنِ