Friday 14th October,200512069العددالجمعة 11 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

آل زلفة.. الفارس الذي ترجَّل!آل زلفة.. الفارس الذي ترجَّل!
تركي العسيري(*)

أما وقد تقاعد الرجل.. بعد رحلة مضنية مع المسؤولية على امتداد ربع قرن كمحافظ لواحدة من كبريات مدن منطقة عسير (بيشة).. فإنّ من حقه علينا نحن الذين عرفناه، وخبرناه، وعايشناه.. أن نذكر محاسن الرجل، وجهوده للارتقاء بمحافظة كبرى ك(بيشة).
تعود معرفتي بمحافظ بيشة السابق الأستاذ حسين بن عبد الله آل زلفة.. إلى زمن بعيد.. إلى أول يوم تسلَّم فيه مسؤولية (إمارة بيشة) في أواخر التسعينيات الهجرية، وكنت وقتها مديراً لمكتب جريدة (عكاظ) في بيشة، وحين عرضت عليه رغبتي في إجراء حوار مطوَّل معه يتحدث فيه عن خططه وأحلامه ورؤيته لمستقبل هذه المدينة أبدى ترحيباً حاراً لم أعهده في مسؤول قبله بل طالبني وقتها أن أشير (كصحفي) إلى السلبيات التي أراها من أجل تلافيها وعلاجها.
وأشهد وقد أُحيل الرجل إلى التقاعد.. أنه مسؤول استثنائي من أولئك الذين لا تملك ك(مواطن) إلا أن تحبهم، وتعجب بهم وبإخلاصهم.. لما يملكون من مؤهلات إدارية وإنسانية، وروح مرحة شجاعة.. تجعل ممن يقرب منه يشعر بود غريب، ومحبة لا حدود لها.
لقد استطاع أن يسيِّر الأمور خلال المدة الطويلة التي قضاها كمحافظ لمدينة بيشة بكل حنكة، ومهارة.. جعلتنا نؤمن بفراسة الأمير خالد الفيصل في اختيار الرجال الذين يتولون مسؤوليات المحافظات في منطقته.. وعلى امتداد ما يزيد على ربع قرن لم يتغيَّر الرجل، ولم يفتر حماسه بل ظل كما عهدناه مسؤولاً متواضعاً، حليماً، خبيراً في إدارة المسؤوليات، حازماً في تنفيذ التعليمات.. متحمِّساً لخدمة المواطنين، وتحفيز مسؤولي الإدارات في محافظته على مضاعفة الجهد، وبذل العطاء من أجل رفعة وتقدم هذه المحافظة الكبرى.. حتى باتت (بيشة) اليوم جوهرة حقيقية، وعروساً حسناء ومحافظة يُحتذى بها.. وما كان ليحدث ذلك لولا همّة الرجل النزيه الذي لم يغره منصبه - كما أغرى الكثيرين - ليمتلك الأراضي والمزارع.. خصوصاً وقد جاء في وقت كان من اليسير عليه أن يمتلك ما يشاء.. غير أنه نأى بنفسه وبأنفة ملفتة عن الوقوع في وحل الارتهان لكل ما يسيء إليه، وإلى موقعه.
لقد وعى المحافظ النزيه، ومنذ أن وطأت قدماه أرض هذه المحافظة حاجتها إلى العمل الجاد، والجهد المضاعف.. وقد كان له ما أراد.. يدعم ذلك خلق قويم، ونفس أبيّة، وتواضع جعله قريباً من قلوب كل سكان المحافظة.. حتى بات من السهل على كل مواطن مخاطبته والشكوى إليه.
ولعل من المناسب أن أشير إلى قدرة الرجل على ضبط أمور محافظته في أصعب الأوقات، وقدرته على كسب ثقة المواطن، ومحبته.. وقد شهد على ذلك تلاحم وتعاون المواطنين من خلال الزيارتين الكريمتين لخادم الحرمين الملك عبدالله.. اللتين قام بهما لمحافظة بيشة وافتتاحه العديد من المشاريع العملاقة ك(سد وادي بيشة) و(مستشفى الملك عبدالله).. وقد كان لتعاون وتلاحم المواطنين معه في الاستعداد لهاتين الزيارتين أبلغ الأثر في نجاح المحافظة في استقبال الملك الكريم.. الذي غمر مواطني المحافظة بعطفه، وعطائه، ومحبته.. مما كان له أبلغ الأثر في نفوس المواطنين في بيشة.
أكتب هذه السطور - لوجه الله تعالى - فقد رحل الرجل، وتقاعد، متدثّراً بسمعة عطرة، وسلوك قويم.. فقد ظل نزيهاً، مترفِّعاً عن الصغائر، يعتاش من دخله الوظيفي لا غير.. وتلك لعمري صفات المسؤول الذي يرجو ما عند ربه.. وهو خير وأبقى.
أمنياتنا له بالعمر المديد والحياة الهانئة السعيدة، والدعاء الصادق للمحافظ المكلَّف الأستاذ محمد سعود المتحمي بالتوفيق والسداد لمواصلة المسيرة.

(*) فاكس 076221413

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved