حينما جاء الإسلام سطعت أضواؤه في كل الأرجاء والأقطار فكان قوة فعالة. وإذا كان شهر رمضان قد شهد نزول الدستور الإلهي المبين ألا وهو القرآن الكريم، فإن نفس الشهر قد شهد أحداثاً إسلامية عظيمة قد غيرت مجرى التاريخ. وللإسلام تاريخ حافل بالأمجاد، وصفحات مضيئة في تاريخ البشرية جمعاء. وإذا وعى المسلم تاريخ الاسلام، وقلب صفحاته لوجد رصيداً قيماً كفيلاً لتطوير حياته وتحصين مقوماته، وتسديد وتجديد مقدراته وامكاناته، وتحسين مستقبله العام والخاص وعالمه المادي والروحي.
فالإسلام ينبوع الأمل والعمل والقوة والحياة يبعث فينا الآمال ويدفعنا دائماً إلى الأمام. والتاريخ هو ذلك الموضع الذي يشترك في صنعه الزمان والمكان والإنسان. ولا شك أن رمضان جزء من أجزاء وشهد أحداثاً عظيمة شارك في صنعها أناس عظماء. وكم في رمضان من الخيرات والبركات وفيه من الفوائد ما لا يعلمها إلا الله، فهو موسم الخير والأمجاد والنفحات الإيمانية والمكرمات.
وإذا قلبنا صفحات التاريخ ورجعنا القهقرى إلى صدر الاسلام وحتى عهدنا القريب لوجدنا أنها صفحات مفعمة بالأحداث الجسام والشخصيات الخالدة.
ففي رمضان من السنة الثامنة للهجرة كان فتح مكة المكرمة. وفي رمضان من السنة الخامسة عشرة للهجرة كانت معركة القادسية التي انتصر فيها المسلمون انتصاراً مؤزراً على امبراطورية فارس ودحرت معاقل الشرك ومركز الزرادشتية. وفي رمضان سنة 74 للهجرة بايع الناس عبدالله بن الزبير في مكة المكرمة بالخلافة وهو الصحابي ابن الصحابي الجليل. وفي رمضان 129 هجرية ظهرت الدعوة لبني العباس في خراسان. وفي رمضان سنة 217 للهجرة أسس العرب مدينة كانديا في جزيرة كريت. وفي رمضان سنة 361 هجرية تم بناء الجامع الأزهر الذي ظل منارة للعلم ونبراساً للحضارة الاسلامية الزاهرة، وقد بناه جوهر الصقلي نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها. وفي رمضان سنة 362 للهجرة استولى المعز لدين الله على القاهرة. وفي رمضان سنة 500 للهجرة حاصر السلطان محمد قلعة الباطنية بالقرب من اصفهان وقضى على الباطنية المعتصمين بها. وفي رمضان سنة 584 للهجرة نهض بطل من أبطال الاسلام الأفذاذ وهو صلاح الدين الأيوبي من دمشق وخلص صفد في فلسطين من وطأة الصليبية الغاشمة. وفي رمضان سنة 591 هجرية ملك يعقوب بن يوسف بن عبدالمؤمن سلطان المغرب بلاد الأندلس وكسر شوكة الأفرنج هنالك. وفي رمضان سنة 658 هجرية هزم الجيش الاسلامي بقيادة البطل الظاهر بيبرس حشود التتار الضاربة هزيمة منكرة. وفي رمضان سنة 666 هجرية هاجم الملك الظاهر انطاكية واستولى عليها وأسر من التتار نحو عشرة آلاف أسير. وفي رمضان سنة 669 هاجم نفس البطل الظاهر بيبرس حصن عكا وامتلكه من الصليبيين. وفي رمضان سنة 879ه استولى السلطان العثماني محمد الفاتح على بلاد القرم. وفي رمضان سنة 1241ه استولى الجيش المصري على مدينة ميسولونجى في بلاد اليونان ورفع فيها راية الاسلام.
وفي رمضان سنة 1348هـ وصل المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود إلى البحرين استجابة لدعوة تلقاها من الشيخ عيسى بن خليفة حاكم البحرين - رحمهما الله-.
وفي العاشر من رمضان 1393هـ كانت الحرب العربية الاسرائيلية التي حطم فيها الجيش العربي غرور الصهاينة وقطع ذراعهم الطويلة وعبر الجيش المصري قناة السويس متخطياً خط بارليف الحصين وقنابل النابلم والقذائف الصاروخية تحت تكبيرة (الله أكبر الله أكبر - العزة للإسلام) .. إلى غير ذلك من الأحداث التاريخية.
وهكذا يتجلى كم هي الأحداث التي قام بها الانسان المسلم وهو صائم ولم يهن الصيام من عزيمته بل دفعه إلى مضاعفة القوة والعزيمة والتضحية. حقق الله الآمال.
| 
"الرأي"