فما بائسٌ يرعى الصباحاتِ والنَّدى
يعلِّلُ جفناً كلماَ اغتمَّ سُهِّدَا.
غريبٌ على بابِ المساءاتِ مُولعٌ
بقُدْسيِّ بابِ اللهِ ما كانَ أوْصَدا..
فيَا سَاهِراً ما شَجْو ليلٍ بسَرْمدٍ
وما الباكياتُ - الليلَ - يَبْكِينَ سَرْمَداً..
إذا مِلتَ مِلْ عنْ ذا الشَّجَى واروِ جذْرهَا
كآبةَ ليْلٍ صوتَ شكواكَ أوْحدَاَ..
فإنَّ لَيالٍ مُجْهِشاتٍ صَفَوْنَ لي
لنَوَّارةُ الأزمانِ.. لا ريحَ لا صَدَى..
تَنوِّرْتُها منْ أخْشَبيْ مَكَة ضُحىً
وأتْبَعتُها قلبيِ ووسّدْتُها اليداَ..
مضمَّخةٌ منْ مسكِ ذِكْرى محمدٍ
فيا مسكُ صفْ ذا الضَّوْعَ هذا المُحَمَّداَ..
نشيجُ ليالٍ.. ذا التقيُّ مقرَّبٌ
فّدَيْتُ أزيزَ الصدْرِ.. تالٍ وساجدا..
وياربِّ منْ لي.. حلَّ بي الكربُ مُوحِشاً
شتيتَ فؤادٍ باكيَ العينِ مُفْرَداَ..
مَلالَةُ قلبي كلَّماَ لاءمَ البُكا
فُتُونَ ابتهالي نازعتْنيهِ جَلْمداَ..
ألا ليتَ لي في ذي المَغاربِ لونَها
وبهرجَها.. جَفْني له - الليلَ - مُهِّداَ..
نشيجاً.. فأدعو سَاهِراتٌ بي المُنَى
بقدسيِّ بابِ اللهِ.. جَفْناً مُسهَّداَ..
وآنسُ لا ألوي على ليلةٍ مضتْ
كأنَّ زماني اصطفَّ ذا الليلَ أو غداَ..
معلِّلةٌ ذي الوَحشةُ الرِّيحُ.. أقْصِري
محبِّرةٌ ذي الليلة المسكُ مَحْتِداَ..
كأنَّ أبا موسى.. ندياً بمَسْمعي
ألا جلَّ هذا الآيُ في الكونِ منْ هُدى..
ألا جلَّتْ الأنداءُ ذكرى محَمَّدٍ
ألا جلَّ في قلْبيِ بَهَاهُ وحُمِّدَا..
كأنَّ عروقاً في الثرى آنستْ بهِ
مُعتَّقِ مسكٍ.. ليتَ يا ليتَ تُغْتدَى..
أحدِّثُها عن ليلتي ثمَّ أنثنيْ
أبُلُّ بدمعي الرَّندّ والبانَ أجْرداَ..
بقدسيِّ بابِ اللهِ منْ ذا يسوؤني
إذا ساءتِ الأبوابُ صَرْحاً ممرَّداَ..
بقلبي صرحٌ.. بالجفونِ غشاوةٌ
من الدمعِ.. ما للجفنِ في الدمع أفردا..
إذا أنتَ مرويُّ الجنابِ ملاطفاً
من الناسِ أشتاتاَ فقلْ ما هو الصَّدَى..
تؤوبُ على حُزْنٍ فلا أنتَ من لَمى
بمُتْرَع كأس.. لوْنُها بعدهُ سُدَى..
وكلُّ امتلاءٍ ليسَ يبقى كأنهَ
خيالاتُ وقتٍ شاغِبٌ إثره الرَّدَى..
فياربِّ أثوابيِ قشيباتُ لوعةٍ
كأنْ ذاتُ ريشٍ في عواليه صُفِّداَ..
مُمَرِّرةٌ في الريحِ.. مرويةٌ ظماً
بقدسيِّ بابِ اللهِ تختالُ مورِداَ..
وأجْهشُ ما كنَّا بذاتِ مَخيْلةٍ
تراءتْ لنا الأنداءُ أشتاتَ عُوَّداَ..
أهلَّتْ بنجوانا الأهلَّةُ ليْتنا
نناجيْ هلالَ القلبِ في الشَّرقِ مُصعِداَ..
فأيُّ ليالٍ عابقتْ قلبَ والهٍ
بريَّاهُ.. أيُّ الجفنِ.. آويْتَ مرْوداَ..
بمُبتَهِلاتٍ كلَّما آنسَ الدُّجَى
بُكاهَا.. تأوَّبنَ الصَّباباتِ تُجْتَدَى..
فلا الريحُ تنبوُ عنْ حفيفِ ببانةٍ
تشفُّ إذا تجفو لها الرِّيحُ مَرْقداَ..
وذا سَطْرُ ليلٍ.. فالهِلالُ كأنَّه
صفيُّ بقلبيِ باسقُ قدْ تعنْقداَ..
وليدُ ليالٍ سرْمديَّاتِ رَوْحةٍ
كمَعْقُوفٍ (واوٍ).. صفحةِ القلب خُلِّداَ..
تراءيْتُهُ.. أَسْيَانَ.. جَذْلانَ تارةً
كأنْ جفنُ عيني مُولًعَاَ باتَ أرْمَدا..
وأبكيتُ طرْفي شارداً.. ربِّ إنني
غريبٌ بنأي في بُكَا التِّيه شُرِّداَ..
بقدسيِّ بابِ اللهِ.. ياربِّ حاجتيْ
ولوعةَ تَسْآليْ.. ليَ اللهُ سَيِّداَ..