Friday 14th October,200512069العددالجمعة 11 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

لما هو آتلما هو آت
رسالةٌ.. ومفارقةٌ..!!
د. خيرية السقاف

حين تستيقظُ على إشارة رسالة في هاتفك، فإنَّك حتماً تشعرُ بالفرحِ لأنَّ ثمَّة من تذكّرك مع كلِّ المُقصياتِ من أمور الحياةِ..
هذا الصَّباح أفقت على رسالةٍ لصديقة عزيزة بقدر ما أحزنتني، أفرحتني رسالتها تخبرني بوفاة أمَّها رحمها الله تعالى، وبأنَّ الصلاة عليها ستكون بعد ظهر اليوم الخميس.. وأفرحتني لأنَّ الصَّداقة لا تزال تعمِّر شجرتها بثمار الود والثّقة وعدم السَّهو عن الصديقِ في أضيق وأحلك المواقف..
ولا أضيق ولا أحلك من لحظة وفاة الأم...
للتو عائدة من المسجد... بشجنٍ كثيرٍ ودعاءٍ وفيرٍ...
أرتال من النساءِ ما كنَّا نجدهن في المساجد للصَّلاةِ في أوقات الصَّلاة، ولا في وداع الأحباب في الأيام الدَّائرة في دولاب الزَّمن..، وجدتهنَّ في المسجد في ظهيرة رمضانية قائظة، ومع صبيب الدموع من غيمات الحزن الذي عمَّر الخواطر وملأ النُّفوس شجواً وفقداً...
ثلاث نساء، طفلان، رجلان...
تحملهم الأكفُّ بعد الصَّلاةِ والوداع إلى مثوى أوسع برحمة الله وإلى حياة جسر إلى بقاءٍ في كنف عفوه تعالى..
صديقتي كانت تجلسُ بصمتٍ تحتسبُ لله ما أعطاه ولله ما أخذه...
والمسجد تعلوه مسحة رهبة، وإيمان، وصمت، واحتساب فيه نساء يقمن لله تعالى، ينبِّهن إلى الصُّفوف، يوجِّهن إلى الدُّعاء...
لم أحمل هاتفي معي...
كنت أدري أنَّه سوف يؤشِّرُ بكثيرٍ من الرَّنين إلى وجود رسائل...، ذلك لأنَّ من ماتت سوف نتشاركُ فيها العزاء...
قبل أسابيع قليلة كنتُ في المكان ذاته أودِّع عزيزة كانت تعلِّمني في المرحلة المتوسطة،...
الحزن الذي يعمِّر قلوبنا...
تمتدُّ له يدٌ خفية لترطِّبه...
هنا.. نلتقي وجوهاً زمناً طويلاً لم تجمعنا فيه لحظةٌ منه...
رفيقة دراسة، صديقة مواقف، زميلة عمل، عابرة في جيرة أو زمالة، أو معرفة عابرة...
نلتفُّ بعد وداع الأحبَّة وقبله حول بعضنا، تذوب المسافات، نقرب.. كأنَّنا كنَّا معاً طيلة هذه المسافة من الزَّمن
وأتذكَّر إشارة هاتفي هذا الصباح...
وأنا أخرجُ من المسجد...
اسمعها تقول لي: مفارقة يا سيدتي.. بجوار المسجد قصر أفراح!!
وبين ضحكةٍ ودمعةٍ...
هكذا هو الإنسان...
عزائي لكِ زينب...
ومن قبل مُنى..
ومن قبل ناريمان ويسرية
و... الَّلهم ارحمنا إذا جاء يومنا الذي نحتاج فيه لمن يدعو لنا بالثَّبات، فثبّتهم الَّلهم وثبّتنا أرحمهم وارحمنا أجمعين... آمين.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved