Friday 14th October,200512069العددالجمعة 11 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "أفاق اسلامية"

حدث في المحكمة حدث في المحكمة
تطبيق سريع للأفلام الأجنبية
يرويها فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم العباد (*)

جاءت للقاضي قضية سرقة لشاب عمره 17 سنة لمحل تجاري، وهو مدان بها، وفي مجلس الحكم تليت الدعوى من المدعي العام، وأنكر المدعى عليه ما نسب إليه بقوة، ولما رأى القاضي كثرة السوابق التي عليه من السرقة تصل إلى خمس تقريباً، ورأى اعترافه المصدق شرعاً، وبعد تصفح المعاملة من القاضي قراءة الاعتراف، تعجب القاضي من كيفية السرقة، وطريقتها الجديدة، وكأنه نوع من الخيال، وما فيه من التخطيط والتكتيك، ولم تكتمل شروط السرقة لقطع اليد.
سرقة في وضح النهار، وبدون أن يعلم أحد، وطريقتها: (يدخل السارق للمحل التجاري قبل الأذان بوقت كاف، فيختبئ في أحد الأماكن بين الكراتين، حتى إذا أذن المؤذن خرج الزبائن ولم يبق أحد بالداخل، قام صاحب المحل وأغلق المحل للتوجه للصلاة، فيقوم المدعى عليه وينتهز الفرصة، ويأخذ في هذا الوقت الذي تقام فيه الصلاة ما خف وزنه، وكثر ثمنه، ثم يخرج إذا فتح المحل بعد دخول الناس، ويخرج كأنه زبون أخذ حاجة وذهب).
فقال له القاضي: هذه خطة ذكية، وجديدة، ورائعة، من أين لك هذه؟ والقاضي يبتسم، وشرح صدره للمدعى عليه، فقال المدعى عليه: لا يا شيخ هذه قديمة، وفيه غيرها، فسأله القاضي كيف حصلت على هذه؟ قال: بصراحة من الأفلام الأجنبية، وطبقتها، وكانت ناجحة، ولي خمسة من الإخوة كذلك يشاهدون معي، وكلنا نقوم بتطبيق هذه الأفلام، وقد سرقنا الكثير من المحال، وبدون أن يعرف أو يكتشفنا أحد، فسأل القاضي المدعى عليه: وهل هناك ألوان في السرقة؟ فقال المدعى عليه: نعم، أشكال وألوان، وأنا وإخوتي نحب مشاهدة هذه الأفلام ونقوم على الفور بتطبيقها دون النظر إلى حاجتنا المادية، فسأل القاضي: وكيف تم الكشف عن هذه السرقة؟ فأجاب بقوله: حينما دخلت المحل، واختبأت، قام صاحب المحل بإطفاء الأنوار، وإقفاله، والذهاب للمسجد، فلما شعرت بالأمان خرجت، وإذا بالمكان مظلم، فسقطت عليّ بعض البضائع، وأحدثت صوتاً، وإذا بالعامل يسكن خلف المحل مباشرة، وكان يتوضأ، ولم أعلم عنه، وسمع الصوت، وجاء العامل وفتح الباب، فحاولت أن أخرج من الباب، فقام بدفع الباب وأنا أدفع، وقبل حضور الشرطة خرجت من المحل، وهربت ثم تم القبض علي، لأن سيارتي عند باب المحل..
ومن خلال هذه الحادثة نستلهم عبراً عديدة منها.. فالإسلام حث على العمل والكسب، واعتبار الكسب واجباً على كل قادر عليه، والثناء كل الثناء على العمال، وتحريم السؤال، وإعلان أن من أفضل العبادة العمل، وأن العمل من سنن الأنبياء، وأن أفضل الكسب ما كان من عمل اليد، وقرر ديننا الحنيف حرمة مال الغير، والاعتداء عليه، وتقرر العقوبة الرادعة لمن يعتدي عليه بالسرقة، قال سبحانه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }ـ(38) سورة المائدة، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه)، فإذا سرق السارق بعد ذلك كله، وهو مكفي الحاجة، متبين حرمة الجريمة، غير محتاج فإنه لا عذر له، ولا ينبغي الرأفة به، متى ثبتت عليه الجريمة، خصوصاً من كانت جريمته منظمة الخطوات، ومحكمة التنفيذ، كما في قصتنا هذه، وإن ستر الله لا يدوم على من استخف بحقوق الآخرين، وانتهك حرماتهم، وتعرض لحاجاتهم، ولم يحدث توبة (إن الله يمهل ولا يهمل)، وما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.
وأفلام الجريمة المنظمة اليوم كثرت، والتي روج لها أعداؤنا، وأحكموا التخطيط من خلالها لإفساد أجيالنا وتعليمهم المنكر، وانساق وراءها كثير من الشباب، وتعلموا من خلالها الجرأة على المنكر واعتياده، وهنا تظهر خطوات إبليس وتفكيره اللعين، وهو عدو لدود، فأين عقولنا؟ وهل ينتهي شبابنا عن مطالعة مثل هذه الأفلام التي جرّت الويلات عليهم وعلى مجتمعهم، وحطت برحال الكثيرين منهم في السجون.

(*)رئيس المحكمة الشرعية بالعلا

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved