* عسير- خاص لـ(الجزيرة): أكد الشيخ محمد بن محمد البشري نائب رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم في عسير أن تدني مشاركات بعض جمعيات التحفيظ في المسابقات القرآنية، والضعف في مستوى الحفظة يرجع إلى قلة وجود الكوادر والكفاءات من القراء، والحفاظ لدى هذه الجمعيات، وضعف مستوى الدارسين والمشرفين على الحلقات من الناحيتين التعليمية والتربوية، وطالب بضرورة بذل الجهود لاستقطاب الشباب إلى حلقات التحفيظ، وتشجيع الحفظة، وتقديم الدعم السخي لهم، وأرجع سبب تسرب الطلاب عن الحلقات نتيجة ضعف متابعة الآباء لأبنائهم وتقصيرهم، إضافة إلى عدم وجود الكفاءات التربوية الذين يستطيعون احتضان الطلاب، مع ضعف الإمكانات المادية للجمعيات، جاء ذلك في الحوار الذي أجريناه مع الشيخ محمد البشري، وفيما يلي نصه: * من خلال ما ترونه في واقع تحفيظ القرآن الكريم إلى أي مدى نجحت المسابقات القرآنية في إيجاد التنافس المأمول بين الحفظة، وزيادة الإقبال على حلقات ومدارس التحفيظ، وهل تعد المسابقات وسيلة كافية لتحقيق هذا الهدف؟ - كما أن الشمس لا ينكر رؤيتها إلا من بعينيه رمد أو على قلبه غشاوة فإن كل من يباشر التحفيظ في الحلقات والمدارس يرى ويسمع ويحس بما أوجدته هذه المسابقة بين الطلاب من الحرص والتنافس والمسارعة إلى الخيرات وتعلم كتاب الله تعالى، خصوصاً المدركون لقدر هذه المسابقة من الشباب والآباء والأمهات. وتعد المسابقات من أفضل وأعظم الوسائل لبعث روح التنافس والالتحاق بالحلقات والحرص على النجاح والتفوق ولكن لا ننسى ضرورة الدعاية الإعلامية لهذا العمل المبارك وكذلك التشجيع المعنوي ومتابعة النصح والإرشاد وحث أولياء الأمور على ذلك. * بم تفسرون ضعف مشاركة بعض الجمعيات في المسابقات القرآنية المحلية وتدني نتائجها؟ - يفسر عدم مشاركة بعض الجمعيات في المسابقات القرآنية المحلية وتدني مستواها بما يلي: أولاً: قلة وجود الكفاءات من القراء والحفاظ لدى بعض الجمعيات. ثانياً: عدم وجود الدعاية الإعلامية الكافية للمسابقة بين طلاب حلقات تلك الجمعيات. ثالثاً: ضعف مستوى المدرسين والمشرفين على الحلقات من الناحية التعليمية التربوية. رابعاً: عدم متابعة تاريخ المسابقة والاستعداد لها من بداية العام أو قبل ذلك حيث إنه لا بد من العناية بالطلاب قبل ترشيحهم للمسابقة ومتابعتهم سنة أو أكثر. * إدارة جمعيات التحفيظ تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية النجاح في استقطاب الشباب، وجذبهم لحفظ القرآن الكريم وضبط تلاوته والتمسك بآدابه ومثله العليا، فما الجهود التي تبذلونها في هذا الاتجاه؟ - إن الجهود المبذولة في جعل الطالب يحفظ ويواصل ويكون نموذجاً فعالاً هو حسن معاملة الطالب من جهة الدرس ومساعدة ولي الأمر وكذلك صرف بعض الجوائز والحوافز المالية والعينية واختيار أفضل العناصر لتقوم بتعليم الشباب وتوجيههم وإرشادهم إلى طريق الهداية والنور وإبعادهم عن طريق الغواية والضلالة بإذن الله تعالى. * بم تفسرون تسرب عدد كبير من طلاب حلقات التحفيظ، بمجرد بلوغ مرحلة الشباب، وهل يعود ذلك إلى قصور في عمل الجمعيات، أم إلى وجود مؤثرات تصرف الشباب عن حلق التحفيظ؟ - يفسر تسرب الطلاب من الحلقات عند بلوغهم سن المراهقة أو مرحلة الشباب بما يلي: أولاً: ضعف ولي الأمر وتقصيره في توجيه أولاده بصفة دائمة، خصوصاً في هذه المرحلة من العمر حيث إن الأولاد يحتاجون إلى معاملة خاصة وبطريقة تربوية نافعة مستمدة من الكتاب والسنة. ثانياً: عدم وجود الكفاءة التربوية من المعلمين الذين يستطيعون حسن معاملة الطلاب وجذبهم إلى الحلقات بل ربما يتعاملون معهم في هذه المرحلة كمعاملة الأطفال وهذا لا يصح مع هؤلاء لأن لكل مرحلة عمرية تعاملا خاصا لا يجيده إلا التربويون. ثالثاً: وجود صوارف كثيرة جداً في هذا الزمان تصرف الشباب عن الحلقات مثل الإنترنت والفضائيات وحب الظهور مع رفقاء السوء واللهو واللعب وكذلك إظهار وسائل الإعلام لغير الحفاظ من الرياضيين والفنانين وغيرهم بصورة ملفتة تجعل من هؤلاء الأبطال والنجوم وتضفي عليهم هالة من التمجيد والإعجاب مما يجعل شباب الحلقات يقول أين نحن من هؤلاء فينصرفون عن الحلقات ويقلدون هؤلاء أو يحاولون أن يكونوا مثلهم ولذلك لا بد من وجود الدعاة المخلصين ليأخذوا بأيدي هؤلاء ويهدوهم إلى الطريق المستقيم. * من وجهة نظركم ما طبيعة دور الأسرة في انجاح جمعيات التحفيظ في أداء رسالتها الخيرية، وما الذي تأملونه من أولياء أمور الطلاب والطالبات تجاه تشجيع أولادهم للاهتمام بالقرآن الكريم تلاوة وحفظاً وتأدباً؟ - أما عن دور الأسرة فمن المؤكد أن دور الأسرة وأولياء الأمور في انجاح الجمعيات الخيرية للقيام بمهمتها وأداء رسالتها المباركة دور عظيم ومهم جداً بل أكاد أجزم أن تعاون الأسرة ومتابعتها للأدولاد في الحلقات وغيرها من المدارس أو الجلساء أو الأصحاب أو الرحلات أو غير ذلك دور عظيم من أهم وأكبر الأدوار في انجاح الجمعيات وغيرها، وإذا لم تقم الأسرة بدور فعال من حيث متابعة الأولاد في الحضور والغياب والحفظ والتلاوة والسلوك والأدب وغير ذلك، إذا لم تهتم الأسرة بذلك اهتماماً كبيراً فلا شك أن هذا يؤثر تأثيراً سلبياً على نجاح الجمعيات في أداء رسالتها، ونأمل أن يكون هناك دعوات متتالية للأسرة ببيان دورها وواجبها نحو الجمعيات ووجوب مساعدتهم وتعاونهم بكل ما يملكون من قدرات علمية ومعنوية ومادية وتوجيه ونصح للإداريين والمدرسين والطلاب وليتهم يجعلون لهم برنامجاً ولقاء كل مدة معينة ويجتمع أولياء الأمور والمدرسون ومديرو المدارس الرسمية وإدارة الجمعية فإن ذلك يكون دافعاً للطلاب والمدرسين على المزيد من الاهتمام وبمتابعتهم هذه يمكن علاج أي مشكلة قبل أن تتفاقم والله أعلم. * ضعف مصادر التمويل الدائم مشكلة تعاني منها بعض الجمعيات في الأعوام القليلة الماضية، فهل أمكن ايجاد حلول لهذه المشكلة، وهل ثمة حلول أو بدائل جديدة تقترحونها في هذا الصدد؟ - إن من أسباب ضعف التمويل هو ما يعانيه الأفراد من كثرة الطلبات التي اعجزت كاهل كثير من الناس مما جعله لا يستطيع التبرع للجمعية وإن من الامكان الجد والاجتهاد في ايجاد مصادر مالية كالأوقاف والاستعانة بالله ثم بالأثرياء من المحسنين من أهل هذه البلاد المعطاءة وكذلك بذل الجهود لايجاد موارد مالية ثابتة كالمشروعات التجارية أو الاستثمارية وما شبه ذلك. * كيف تستطيع جمعيات التحفيظ الاسهام في القيام بدور فاعل في خدمة المجتمع، وعلاج القضايا المهمة، مثال ذلك مواجهة التطرف والغلو، والقيام بواجب الدعوة إلى الله على هدى وبصيرة، وترسيخ وسطية الاسلام وغيرها من المناشط؟ - تستطيع الجمعيات من خلال موقعها وثقة الناس بها ان تقوم بدور كبير ومهم جداً في خدمة المجتمع وعلاج جميع القضايا التي تكون أو تحدث في المجتمع سواء كانت قضايا سلوكية أو اجتماعية أو فكرية أو أمنية أو غير ذلك وهذا بحسن التوجيه ومتابعة أمراض المجتمع من بدايتها وقبل أن تستعصي عليهم ولكن المهم أن يمنحوا الصلاحيات المناسبة لذلك، وإن شاء الله تعالى من وهب نفسه للقرآن واحتسب الأجر في خدمة كتاب الله تعالى يستطيع بحكمة وفطنة وذكاء أن يحتوي أي ظاهرة غريبة على المجتمع، خصوصاً ما يتعلق بالفكر من تطرف أو غلو أو تأويل أو غير ذلك، وكلما كان مخلصاً كان تأثيره فيمن حوله أعظم لأن القرآن العظيم هو السبيل الوحيد للاستقامة على دين الله واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}, وقال سبحانه وتعالى:{وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}, وقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}, وفي الحديث: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي عضوا عليها بالنواجذ. * تعاني كثير من جمعيات التحفيظ من غياب العنصر البشري المؤهل للعمل في مجال التحفيظ من معلمين، ومشرفين، وموجهين، فما هي أسباب ذلك رغم التزايد الملحوظ، والكبير في أعداد الحفظة الذين يتخرجون من هذه الحلقات عاماً بعد عام، وكيف يمكن علاج هذا النقص؟ - أما عن غياب العنصر البشري المؤهل للعمل في مجال التحفيظ فهذه حقيقة في كثير من الجمعيات غياب أو قلة العنصر البشري التربوي المؤهل تأهيلا يليق بمهمة التربية والتعليم في آن واحد وهذا أمر مهم جداً وغالباً يرجع ذلك لأسباب منها: أولاً: الغالبية من المدرسين من غير السعوديين بل وكثير منهم من غير العرب حيث تم اختيارهم لمجرد أنهم قراء فقط ولم يبحث الجانب التربوي في ذلك الوقت ربما لعدم وجود العنصر التربوي أو لكون العنصر التربوي يكلف أكثر من غيره. ثانياً: عدم اقبال الشباب السعودي على القيام بهذه المهمة نظراً لأنها شاقة وتحتاج منه إلى صبر وتحمل ومصابرة أيضا خصوصاً عندما يصطدم ببعض المراهقين. ثالثاً: عدم وجود الرواتب أو المكافآت المالية التي يتطلع إليها المؤهلون تربوياً وذلك لأن ميزانيات الجمعيات ضعيفة ولا تستطيع أن تقدم أكثر مما عندها وهؤلاء ينظرون لهذا الجانب، خصوصاً إذا كان متفرغاً لهذا العمل. ويمكن علاج هذه المشكلة بالاعلان عن وجود وظائف معلمين للقرآن الكريم برواتب عالية تماثل رواتب المعلمين في وزارة التربية والتعليم تقريباً، إذا كان ولا بد من الاستقدام أو التعاقد مع العناصر غير السعودية، يشترط فيهم ذلك قبل التعاقد وبالطبع لا بد أن يزاد الراتب عما هو حاصل الآن. وأيضا ضرورة اهتمام وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد بهذا الامر وتعاون وزارة الثقافة والاعلام أيضا بإظهار معلم القرآن بصورة مرضية يتشوق الحافظ أو القارئ أو من لديه القدرة على العمل أن يكون ممن تشرفوا بالانتساب إلى هذا العمل الخيري الجليل ويغرس في نفوسهم أن تقديرهم ومكافآتهم عند الله تعالى يجدونها في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. * تأهيل وتدريب العاملين في مجال التحفيظ ضرورة للوقوف على أحدث وسائل التحفيظ والاستفادة من التقنيات التعليمية المتطورة، فأين أنتم من هذا الأمر، وهل ثمة خطة لتدريب وتأهيل العاملين في مجال التحفيظ؟ - بعض الجمعيات خطت خطوات جيدة نحو هذا العمل واهتموا بتدريب العاملين في مجال التحفيظ على استخدام الوسائل الحديثة في ذلك واستفادوا فعلا من التقنيات المتطورة ولكن بالنسبة لنا لم نحقق شيئا من ذلك يستحق الذكر ولكن لعل أن يكون هذا الأمر من الأمور التي نبحث ونخطط لها قريبا إن شاء الله تعالى ولكن كما هو معلوم لا بد من توفر العناصر البشرية التي تستطيع استخدام مثل هذه الوسائل ونحن جادون في تحقيق ذلك قريبا إن شاء الله تعالى، حيث إن الجمعية تهتم في الوقت الحاضر بالدورات العملية التدريبية لمن يهمه حفظ القرآن الكريم وتعلم أحكامه وكذلك إفادة كثير من المعلمين في المدارس وطلاب الجامعات والموظفين وغيرهم.
|