* الجزيرة - خاص: أكدت الدكتورة منيرة بنت عبدالله القاسم الأستاذ المساعد بكلية التربية للبنات بالرياض، ورئيسة اللجنة النسائية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي، أن اللجنة من خلال برامجها تنتهج المنهج الوسطي والمعتدل، وتعمل على ترسيخ هذه المبادئ في بناء الشخصية السوية، والمعتدلة، والمتوازنة في فكرها وسلوكها. وقالت د. منيرة القاسم: إن دور المرأة رئيس تجاه النهوض بمجتمعها، لأنها الأم المربية، والزوجة الناصحة الحانية، والداعية لدين الله، والمعالجة لبنات جنسها، وإن صلحت صلح المجتمع، وإن فسدت فسد المجتمع. وقالت الدكتور القاسم: إن المجتمع كله يعيش في صراعات وتناقضات فكرية وسلوكية، ولتتفادى المرأة المسلمة هذه التناقضات عليها التحصن بالعلم الصحيح. كما تناول حوار (الجزيرة) مع د. منيرة القاسم العديد من قضايا المرأة الدعوية والإنسانية، وفيما يلي نفس الحوار: * ترأسين اللجنة النسائية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي، ما أبرز البرامج التي قدمتوها للمرأة المسلمة، وما دور اللجنة في ترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال في المجتمع النسائي؟ - تقدم اللجنة النسائية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي العديد من البرامج لتحقيق أهداف اللجنة التي تركز على نوعية وتثقيف المرأة والفتاة والطفل، وتعزيز الهوية الإسلامية، وتنمية الولاء والانتماء للدين والوطن، والاستفادة من أوقات الفراغ بما يفيد، وتعزيز السلوك الإسلامي القويم، والمساهمة في تنمية وخدمة المجتمع من خلال كفالة الأسر الفقيرة، والمشاركة في المناسبات الوطنية، والأسابيع الثقافية والتوعوية، كما تقدم البرامج الترفيهية والترويحية لفئة الناشئة والطفل، وتقيم كذلك المنتديات الصيفية ومخيمات الطفل النصف سنوية، والحفلات الختامية وحفل عيد الأضحى، كل ذلك في جو مفعم بالأخوة ومنضبط بالضوابط الشرعية، إضافة إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم الصباحية والمسائية، كما تولي اللجنة النسائية اهتماماً خاصاً بالجاليات المسلمة وتعليمها اللغة العربية والقرآن الكريم. واللجنة النسائية من خلال لجانها المتعددة تنتهج منهج الوسطية والاعتدال في برامجها الثقافية والاجتماعية والترويحية، وتعمل على ترسيخ هذه المبادئ من خلال برامجها المتنوعة التي تهدف إلى بناء الشخصية السوية والمعتدلة والمتوازنة في فكرها وسلوكها. * تطالب بعض النساء المعنيات بحقوق المرأة إضافة بند في وثيقة الزواج يعطي للمرأة حق تطليق نفسها، هل الإسلام يجيز ذلك؟ وهل ترون أن هذا في صالح المرأة؟ - جاء هذا الدين - ولله الحمد - كاملاً تاماً، ولا بد من الرجوع إلى أحكام الشريعة في هذا الأمر، وسؤال أهل العلم والاختصاص في ذلك، ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن إعطاء المرأة حق تطليق نفسها ليس في صالحها، فالمرأة خلقها الله بعاطفة جياشة، وغالباً ما تندفع وراء عواطفها في كثير من التصرفات والأحكام، والطلاق قرار يحتاج إلى تعقل وتفكير بعيداً عن العاطفة لما يترتب عليها من نتائج خطيرة، والرجال في الغالب يتميزون بتحكيم العقل قبل العاطفة، لذا كان قرار الطلاق في يد الرجل حسب الشريعة، وفي هذا رحمة ولطف من الله سبحانه وتعالى بالمرأة، ومهما كابرت وادعت بعكس ذلك فإنها في قرارة نفسها تقره، والرجل والمرأة كل منهما مكمل للآخر بما خلقها من طباع وخصائص متميزة. * دعاة حبس المرأة في المنزل لا يكفون عن تحميل المرأة العاملة كل المساوئ الاجتماعية التي نعاني منها، هل هناك تحفظات شرعية على عمل المرأة خارج بيتها، وهل تؤيدون دعوة البعض بعودة المرأة للبيت؟ - لا شك أن للمرأة دوراً رئيساً كبيراً تجاه أسرتها ومجتمعها، فهي الأم المربية، والزوجة الناصحة الحانية، والداعية لدين ربها، والمعلمة الموجهة، والطبيبة المعالجة لبنات جنسها، إن صلحت صلح المجتمع وإن فسدت فسد المجتمع، فهي بمنزلة القلب للجسد لا يمكن الاستغناء عنها أو التقليل من شأنها. وإن كان لخروج المرأة للعمل في بعض حالته بعض السلبيات، فمن الظلم تحميل المرأة العاملة كل المساوئ الاجتماعية، فالمجتمع له حقوق على المرأة يجب ألا يُحرم منها بحبس جميع النساء في البيوت بحجة تلك السلبيات، أما التحفظات الشرعية على عمل المرأة خارج بيتها فهي لا تخفى على كل ذي لب وبصيرة، من حيث مراعاة حدود الشرع وضوابطه المتعلقة بوجوب الحجاب والاستتار عند الخروج من البيت، وتجنب مخالطة الرجال في بيئة العمل، واختيار الأعمال والوظائف التي تتناسب مع طبيعتها النفسية والبيولوجية، بشرط ألا يكون ذلك على حساب واجباتها الدينية والأسرية تجاه ربها وزوجها وأولادها وإدارة شؤون بيتها، وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، وذكر المرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها، فهي وظيفتها الأولى والأساسية، أما بالنسبة لدعوة البعض بعودة المرأة للبيت على إطلاقه فأنا لا أوافق عليها، لأنهم بذلك سيحرمون المجتمع من تلك الحقوق التي ذكرتها، كما أن عودة جميع النساء العاملات للبيوت سيسبب خللاً في المجتمع، فمن سيعلم الفتيات؟ ومن سيطبب المريضات؟ ومن سيدعو في أوساط النساء؟.. الخ كما إني في نفس الوقت لا أوافق المطالبين بأن كل سيدة يجب أن تكون امرأة عاملة خارجة بيتها، لا بد من توازن. والمرأة المسلمة كالرجل، لها رسالة تسعى لتحقيقها، ولديها همٌّ تحمله، ولن تتمكن من تحقيق رسالتها ما لم تدرك إدراكاً سليماً تلك الرسالة السامية، وتعرف الوسيلة التي تحققت بها رسالتها سواء داخل بيتها أو خارجه. * البعض يرى أن المرأة المسلمة تعيش في ظل ظروف صعبة حيث تتجاذبها تيارات متناقضة، كيف تؤدي المرأة المسلمة واجباتها وتقوم برسالتها وسط هذا التناقض الغريب؟ - المجتمع بأكمله يعيش اليوم صراعاًَ وتناقضات فكرية وسلوكية، والمرأة ليست بمنأى عن هذه الصراعات والتناقضات التي تولدت من الانفتاح على الثقافات الشرقية والغربية بحلوها ومرِّها من خلال وسائل الاتصال المختلفة، وحتى تؤدي المرأة واجباتها وتقوم برسالتها بالشكل الصحيح وسط هذا التناقض الغريب عليها أن تتحصن بالعلم الصحيح، وتفهم الواقع فهماً جيداً، وتعرف حقوقها وواجباتها لتستطيع أن تقوم بدورها ورسالتها بالشكل الصحيح الفعال. * ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات بعض المنظمات الدولية والعربية تطالب بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، هل الإسلام يقر مثل هذه المساواة؟ - الإسلام دين العدل والمساواة، وهو دين الحق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالإسلام ساوى بين الرجل والمرأة مساواة عادلة في الواجبات والحقوق وفي الأجر الدنيوي والأخروي. قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، وقال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}. إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث، ولكنه فرَّق بينهما في أمور تقتضيها طبيعة وتكوين ووظيفة كل منهما، وفي هذه الحال فإن المساواة المطلقة بينهما ظلم لكليهما. والمناداة بالمساواة بين الرجل والمرأة انطلقت أساساً من مجتمعات لا تطبق شرع الله، حيث ظلمت المرأة وبخست حقوقها، وهذا لا ينطبق على مجتمع يطبق شرع الله العادل الذي وجدت فيه المرأة المسلمة كل تكريم وإعزاز في جميع مراحل حياتها وفي كل أدوارها بنتاً وأمّاً وأختاً وزوجة، وقد كان هذا التكريم مثار إعجاب ودهشة لكثير من النساء الغربيات اللاتي عرفن هذه الحقيقة عن كثب، والإسلام لا يقر بحال من الأحوال المناداة بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة لأنه لا يرضى أن يظلمها ويظلم مجتمعها بمثل هذه المساواة المزعومة. * من المعروف أن حقوق المرأة في الإسلام تفوق حقوقها في المجتمعات الغربية، فمن وراء هذه الحملات على المرأة المسلمة؟ - المرأة في ظل الإسلام وتشريعاته، تجد كل التكريم، وتمتلك حقوقاً لا تمتلكها مثيلاتها من النساء في ظل القوانين الوضعية ولكننا نرى اليوم حملات هوجاء تشن على المرأة المسلمة وتنتقد أوضاعها وتتدخل في خصوصياتها، وأنا أرى أن أعداء الدين والحاقدين على أمة الإسلام هم المحرض الأول لقيام هذه الحملات، فلن يهنأ لهم بال حتى يقضوا على الدين وأهله، ليفرقوا كلمة أبنائه ويضعف قوتهم ويقلل من شأنهم، فتسهل السيطرة عليهم وعلى ثرواتهم، فتكون السيادة لهم على غيرهم - أبطل الله كيدهم - ويعين هؤلاء زمرة من أبناء هذا الدين فتنوا بالحضارة الغربية، فأعمت بصيرتهم فأصبحوا ينعقون بما يسمعون غير مدركين خطورة الدعوة بمثل هذه الدعوات على أنفسهم وعلى مجتمعاتهم، وما يمكن أن تؤدي إليه من فساد وانحلال وتفكك. * مع كل خلاف فقهي نلاحظ وجود المرأة على ساحة الدعوة والفقه، فما السبب وراء ذلك؟ - هذا مشاهد بالفعل، ولعل السبب في ذلك هو قلة عدد المتخصصات في هذا المجال مقابل أعداد الرجال.. كما أن تصدر الرجال للإفتاء يفتح المجال أمامهم أكثر من النساء، إلا أن عدم بروز النساء على الساحة لا يعني عدم وجودهن، فهناك الكثير من أستاذات الجامعة المتخصصات، والباحثات، والداعيات الفاضلات، ممن لهن صولات وجولات ومؤلفات في مجال الدعوة والفقه، بارك الله في الجميع. * هل تتفقون مع مقولة إن المغالاة في المهور هي السبب الأول لمشكلة العنوسة، وما هو برأيكم سبب تفاقم مشكلة الطلاق في المجتمع؟ - المغالاة في المهور قد تكون أحد الأسباب، ولكنه ليس السبب الأول لمشكلة العنوسة، فهناك أسباب كثيرة منها على سبيل المثال: تأخير الزواج بحجة إكمال التعليم الجامعي أو الدراسات العليا، أو التعلق بالماديات، وانتظار العريس المؤهل مادياً حتى يفوت قطار الزواج أو طمع الآباء في مرتبات بناتهم مما يجعلهم يردون الخاطب الكفء، التفكير السطحي لبعض الفتيات ونظرتهن القاصرة لزوج المستقبل، كذلك القيود التي تضعها بعض الأسر لتزويج بناتها دون النظر في كفاءة الخاطب من الناحية الدينية والخلقية والعلمية، أو اشتراط تزويج الأخت الكبرى قبل الصغرى مما يفوت الفرصة أمام تزويج الصغرى إذا جاءها الخاطب المناسب، إلى غير ذلك من الأسباب. أما مشكلة الطلاق فهي ليست خاصة بمجتمعنا السعودي، ولكنها مشكلة انتشرت في الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية، والأسباب كثيرة، منها عدم قدرة أحد الزوجين على تحمل مسؤولية الزواج، والتعجل وعدم الصبر وهي سمة ملاحظة على أغلب شباب الجيل من الجنسين حيث يتم الانفصال لأتفه الأسباب، وقد يكون تدخل أسرتي الزوجين في شؤون أبنائهم سبب للمشاكل ثم الطلاق، كذلك القنوات الفضائية والإنترنت قد تكون من مسببات المشاكل المؤدية للطلاق بسبب ما يمكن أن تبثه من أفكار وقيم وسلوكيات، أو إقامة علاقات محرمة... والعياذ بالله. ومن الأسباب أيضاً اختيار أحد الزوجين للآخر على أسس غير سليمة دون النظر إلى الصلاح والتوافق من الناحية الاجتماعية والثقافية، ويمكن أن يكون الجهل بحقوق وواجبات كل من الزوجين نحو الآخر، وعدم الإلمام بأصول التعامل الجيد معه وكسب وده ومراعاة ظروفه ومشاعره من الأسباب المؤدية للطلاق... الخ.
|