اللقاء الذي تم بين كارين هيوز وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية ومجموعة من النساء السعوديات في كلية دار الحكمة في جدة يستحق التوقف عنده نظراً لما تم فيه من حوار ساخن حول بعض القضايا الجدلية، وقد يخرج المرء منه ببعض الدروس. فهيوز قد جاءت من بلاد العم سام بهدف تحسين صورة بلادها في العالم العربي ولا سيما بعد الفضائح التي طالت القوات الأمريكية في العراق. وقد التقت هيوز بنساء سعوديات وهي مليئة بالثقة والتوقعات من أنهن (سيشتكين) لها حول وضع المرأة السعودية في بلادها وحرمانها من كثير من الحقوق الإنسانية في مجتمع ذكوري حسب المفهوم الأمريكي للحقوق والواجبات. بيد أن ما حصل كان مفاجئاً لهيوز، ولا سيما وأن المفاجأة جاءت من قبل نساء على درجة عالية من الثقافة والتعليم، وبعضهن عاش في أمريكا ردحاً من الزمن. وبالتالي لا يمكن القول إنهن (رجعيات) أو (قليلات الخبرة) أو أن الوعي الزائف قد ملأ عقولهن وأفئدتهن. كانت القضايا المعرضة في الحوارة مكررة وليست مفاجئة، ولكن ردود المشاركات السعوديات على هيوز هو ما لفت النظر. فقد أبدين الحاضرات سعادتهن حول أوضاعهن في المجتمع السعودي ورفضهن لأي مزاعم حول حرمانهم من حقوقهن. ومن الأمثلة على ذلك ما قالته طبيبة حول قيادة المرأة للسيارة من أنها ليست بحاجة إلى القيادة طالما توفر لها سائق، وأنها تعمل في مركز طبي دون أن تواجه عقبات أو مضايقات من أي شكل سوى ما قد يحصل في أي مجتمع إنساني تختلف فيه الأذواق والرؤى، تماماً كالمجتمع الأمريكي الذي قد تعاني فيه المرأة من مضايقات من قبل أفراد آخرين يعملون معها. وربما اتفقت بعض المشاركات مع هيوز حول آرائها (المسيسة) حول بعض القضايا، ولكن يتضح أنهن يعترضن على مبدأ التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية، ولذلك اعترضن بكل وضوح و(أدب) على مواقفها. لقد تفاجأت هيوز وخرجت بتصريح واضح وهو أن صورة أمريكا لا يمكن تعديلها بالدبلوماسية فقط، ولكن واضح أن السياسات الأمريكية في المنطقة قد أساءت كثيراً إلى الصورة الأمريكية لدى سكان المنطقة. ولكن هل استفادت الدبلوماسية الأمريكية من زيارات هيوز للمنطقة ؟ يمكن الإجابة بلا ولا سيما بعد الاستماع إلى تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في معهد وودرو ويلسون للشؤون المحلية والدولية حول قناعة الإدارة الأمريكية من وجوب فرض الديمقراطية والمفاهيم الأمريكية ولو بالقوة.
|