Sunday 2nd October,200512057العددالأحد 28 ,شعبان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

هذرلوجياهذرلوجيا
الكعكة المرة
سليمان الفليح

بدءا والله العظيم إنّنا نكره الاستعمار بمختلف أشكاله وقد قاومناه أكثر من 35 عاماً بأقلامنا وإبداعنا (وفعلنا أيضاً). وولله إنّنا نحب أن تكون أُمّتنا العربية هي بالفعل خير أُمّة أُخرجت للناس وأنّنا نتمنى من القلب كلِّه أن تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع، وكذلك نحب لبلادنا الإسلامية وسكانها أن يكونوا هم الأعلون وأن يملكوا الوحدة والسلاح بوجه الأعداء صفّاً واحداً كالبنيان المرصوص .. ولكن هيئات إنّ الأماني هي غبار الفقر لأنّ واقعنا يقول غير ذلك، فالاستعمار الذي رحل عن بلادنا العربية منذ أكثر من أربعين سنة قد عاد إلينا بأشكال متعدِّدة وبقوات متعدِّدة الجنسيات هذه المرة، فإذا كانت إسرائيل تُعتبر أغرب استعمار واحتلال، فإنّ دولنا العربية لم تحرِّك منها (طوبة) واحدة، بل كلّما أعلنّا عليها الحرب احتلت جزءاً من بلادنا، وكلّما زادت (فشخرتنا) نزعت أجزاءً أخرى، وكلّما قال أحد قادتنا كلمة، ردّت عليه بالدبابات والصواريخ، فلا نحن (أكلناهم بأسناننا وأضافرنا) كما قال زعيم راحل، ولا نحن (ألقيناها في البحر) كما قال زعيم آخر، بل هي التي ألقتنا على تخوم الصحراء لتأكل من جيفنا الكلاب والسلاحف وبغاث الطير.
* * *
وبالأمس القريب (تفشخر) صدام حسين على إسرائيل وضربت مفاعله النووي الذي كان تحت الإنشاء ثم ولكي يتعلّم الفشخرة أو بالأحرى لكي تعلِّمه ضريبة (الفشخرة) اجتاحته أمريكا ومجموعة من دول التحالف ونكلت بجيشه وشعبه أيضاً.
* * *
واليوم حينما انسحبت إسرائيل من قطاع غزة فوجئنا كلُّنا بجيوش ترفع البنادق والرشاشات وتهتف للتحرير وكأنّها هي التي حرّرت القطاع، بل ظهر علينا كلُّ مناضلو الحركات الجهادية وكأنّ فلسطين قد تحرّرت نهائياً من المحتل وبفعلهم أيضاً، ثم راحوا يهدّدون ويتوعّدون ويتقاتلون مع بعضهم البعض من أجل الكرسي والكعكة المرة التي تركتها لهم إسرائيل، بل كشفوا عن كوفياتهم ليعرفهم العدو قبل الصديق وليقوم باصطيادهم واحداً واحداً كما فعل مع رفاقهم السابقين.
* * *
أمّا في الفلوجة فقد دمّرت القوى العظمى كلّ ما فيها وعن بكرة أبيها بما فيها أُناسها الطيبون، وكذلك تفعل اليوم بتلعفر وأهلها الفقراء ناهيك عما يفعله (أُمراء الجماعات الانتحارية) بأولادنا الصغار من تلغيمهم وترغيمهم على العمليات كما حدّثنا أحدهم من التلفاز .. فمتى نعي وندرك الواقع ونترك الفشخرة والمسخرة؟!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved