يعد نظام حق الامتياز التجاري (الفرنشايز Franchise) واحداً من أهم الأنظمة التجارية وأساليب الاستثمار الناجعة في تنمية اقتصاديات الدول المستخدمة له، وهو يقوم على أساس وجود اتفاقية بين طرفين الأول هو مالك ومانح الامتياز (للاسم التجاري، العلامة التجارية، براءة الاختراع) والطرف الآخر هو الحاصل على الامتياز (الممنوح). ويشمل حق الامتياز (الفرنشايز) حق استخدام الاسم التجاري لصاحب نظام الامتياز التجاري وكل طرق العمل، والأنظمة والعلامات التجارية المملوكة للنظام وذلك في منطقة محددة ولفترة محددة، ويقوم الطرف الحاصل على الامتياز التجاري (الممنوح) بدفع نسبة من الدخل أو الربح لصاحب الامتياز في مقابل ذلك، كما يقوم الطرف الحاصل على الامتياز باستثمار ماله الخاص ووقته وجهده، في حين يقوم صاحب الامتياز بتزويده بما يمكنه من بدء النشاط والتدريب والتعزيز المستمر والاستفادة من خبرة النظام من التسويق في الأسواق العالمية.. إذاً، ينحصر الأمر في مجال الاستفادة وليس الدعم المتناهي كما يظن البعض. وقد أثبت هذا النظام نجاحاً منقطع النظير لدى العديد من الدول المتقدمة، وحالياً لدى بعض الدول النامية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تشير الدراسات إلى أن نظام الامتياز يعمل به أكثر من 8 ملايين شخص ويوفر أكثر من 170 ألف وظيفة جديدة سنوياً. وتعتبر علامة (ماكدونالدز) التجارية الأمريكية أكثر العلامات تصديراً في العالم بطريقة الامتياز التجاري، حيث بلغ عدد المطاعم التي تحمل علامة (ماكدونالدز) في العالم 30222 محلاً في العام الماضي، منها 22183 تصل بطريقة (الفرنشايز) (4969 في داخل الولايات والباقي في الخارج)، فيما تمتلك الشركة 8038 مطعماً آخر تديرها بطريقة مباشرة، وأسلوب الاستثمار من خلال نظام الامتياز يتم في صناعات كبيرة كصناعة البترول والسيارات والأدوية وغيرها من الصناعات الكبيرة، وكذلك في قطاعات إنتاجية وخدمية متوسطة وكبيرة مثل قطاع المشروبات والمأكولات والأثاث والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وخدمات النظافة والصيانة والسفر والسياحة وغيرها. في المملكة العربية السعودية هناك العديد من القطاعات التي تعمل بنظام الامتياز بدأت تنتشر بشكل كبير خلال السنوات الماضية حتى وصلت إلى 200 حق امتياز بنهاية شهر يوليو 2004م حسب البيانات الرسمية لوزارة التجارة والصناعة، وأصبحت تغطي العديد من الأنشطة مثل المطاعم ومحلات الملابس بأنواعها المختلفة ومواد التجميل والأجهزة الطبية والأثاث المنزلي وغيرها من السلع والمنتجات. ويتوقع خبراء هذا النشاط المزيد من النمو في المملكة في السنوات القادمة وأن يشمل تصدير علامات تجارية سعودية للدول الأخرى على غرار علامات سعودية أثبتت نجاحها مثل كودو، الطازج، العربية للعود، وغيرها. والملاحظ أننا في المملكة لدينا تجربة نتميز بها عن غيرنا من دول الجوار حيث تجاوزنا مرحلة استقطاب الامتيازات التجارية الأجنبية إلى مرحلة تصدير علاماتنا التجارية الوطنية التي أثبتت نجاحها مثل كودو، الطازج، هرفي، العربية للعود، وغيرها من علامات محلية ليس فقط في منطقة الخليج وإنما إلى أوروبا وأمريكا. وهناك أكثر من 120 علامة سعودية لمنتج أو خدمة مرشحة لأن تبيع رخصة استخدامها بطريقة (الفرنشايز) على غرار تجارب (الطازج) و(كودو) و(زهور الريف) و(هوت آند كريسبي). ويرجع خبراء الامتياز التجاري هذا الأمر إلى الأسباب الجغرافية التي تجعل المستثمر السعودي يقبل على التوسع في المملكة عن طريق منح الامتياز التجاري، بدل التملك المباشر، وذلك لسهولة التحكم في ظل كبر مساحة المملكة. ما قد يخفى على كثير من التجار وأصحاب الأسماء التجارية المعروفة التي لم تطبق حق الامتياز أن هذا النظام يخدمهم كثيراً من خلال التوسع في الانتشار وتعظيم الأرباح وتقليل التكاليف بدلاً من اللجوء إلى التوسع من خلال افتتاح فروع جديدة وعديدة تدار من طرف مالكها مباشرة وهو ما يتطلب استثمارات وتكاليف إضافية بإمكان التاجر تفادياً مباشرة من خلال منح امتياز استخدام الاسم التجاري لآخرين مع التزامه بتقديم الدعم والمشورة والرقابة للتأكد من الجودة والتزام الحاصل على الامتياز بأداء العمل بالشكل المطلوب. وهذا النظام يخدم الطرفين في تحقيق الفائدة فالكل سوف يكسب من هذه العلاقة التاجر سوف يأخذ نسبة من الإيرادات من خلال منح الامتياز والممنوح سوف يحصل على خدمات وتسهيلات وتجهيزات جاهزة من قبل المانح. في الختام أود التأكيد على أن هذا النظام له مستقبل واعد جداً من خلال جلب علامات تجارية أجنبية معروفة، أو منح علامات تجارية محلية لتجار محليين أو من خلال تصدير علامات تجارية محلية خارج أسوار الوطن.. ولله الحمد لدينا في المملكة تجارب ناجحة جداً في هذا المجال كما سبق الإشارة إليه، ويجب أن نتوسع بها في المستقبل عند انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية والتي سوف تتيح مجالاً أوسع للوصول لأسواق جميع الدول الأعضاء في المنظمة. ما نحتاجه الآن هو زيادة تثقيف المجتمع ككل وبالأخص فئة التجار بأهمية وفائدة الاستثمار في مثل هذا النظام، وما قامت به الغرفة التجارية بالرياض مشكورة الأسبوع الماضي من عقد ملتقى ومعرض متكامل لحق الامتياز لإلقاء الضوء على هذا النظام من خلال استقطاب خبرات في مجال الامتياز للتحدث عنه ودعوة شركات محلية ناجحة لتقديم تجربتها في تطبيق نظام الامتياز مثل شركة الطازج وشركة العثيم الغذائية من خلال ركن العثيم هو إحدى الطرق لزيادة تثقيف المجتمع بهذا النوع من الاستثمارات.
|