الانضباط في الأمن العام هو رأس الفضائل به تستقيم مجاريها، وتؤتي ثمارها، وتبلغ نهاياتها وبدونه يختل النظام ويسود الارتكاب.
فعلى الصعيد المادي هو: حسن المظهر، والنظافة، وتعهد السلاح والعتاد، والعناية الدائمة التامة بكل كبيرة وصغيرة من أدوات العمل وأجهزته، وعلى الصعيد المعنوي هو: الوعي، والدراية، والهيبة، والإيمان بالرسالة، والشجاعة والمروءة والاستعداد الدائم، فرجل الأمن المنضبط يطيع رؤساءه ويفرض طاعته على مرؤوسيه في جو من التفاهم والثقة المتبادلة، لا قسراً ولا رهبةً، ويؤدي مهماته بحماسة متزنة مدركة، تعتمد المعرفة والحزم متقيداً بمبادئ الشرف والواجب والكرامة في مختلف أطوار حياته، وله من نفسه على نفسه رقيب ومحاسب، رجل الأمن المنضبط هو الرئيس القادر، المصمم الحازم، والمرؤوس المتأهب الجدير بالثقة، ومن أبرز صفات الانضباط أنه لا يقتصر على الحياة أثناء الخدمة، بل يتجاوزها إلى الحياة المدنية، إلى صميم المجتمع.. فحيث يسود الانضباط وترسخ معاني المحبة والتعاون ويتلاقى الجميع على هدف سامٍ وغاية عامة وإذا الجميع كتلة واحدة متراصة، ومتماسكة، تعرف ما له وما عليها، وتدرك حقها وواجبها، وتمشي إلى مسيرها ثابتة الخطى وطيدة الإيمان، واضحة المعرفة لا يخامرها شك، ولا يساورها وجل.، ولا يحتاج رجل الأمن المنضبط إلى المواعظ ليرشد مواطنيه، ففي سلوكه المثالي ما هو أفعل في النفوس من المنطق، وابلغ في الأذهان من أساليب البيان، يكتم السر، فيعلم الناس حفظ اللسان ومجانبة الثرثرة الوخيمة العواقب.. ويصمد في وجه الخطر فيبعث القوى ويلهب الحماسة، ويقضي على التخاذل، ويشد الهمم المتراخية، ويخلق حوله جواً من البطولة.. ويقدم التضحية، فينشر روح النضال، ويزرع قطرات دمه في أرض الوطن فتنبت مواسم مكرمات، ومآثر، وأمجاد، رجل الأمن المنضبط مثل المواطن المتحرر من الأنانية حقيقة بلاده في قلبه وعقله.. فهو المحب الوفي لجميع إخوانه المواطنين، العامل بصمت ومثابرة ورغبة، مرضاة للواجب، وطلباً لراحة الضمير.، ومن كانت تلك صفاته فهو ركيزة الصلاح في المجتمع.. يبث الوعي في بيئته.. ويدعم أساس وطن عزيز الجانب، موفور الكرامة، يصون حرمته أبناء مؤمنون به، متحدون على خدمته يذودون عن حياضه يوم الروع ويدفعون عنه كل أذى.
| 
"زمان الجزيرة"