Tuesday 6th September,200512031العددالثلاثاء 2 ,شعبان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

الملك عبد العزيز ومنهجه في مساندة دعوة التوحيدالملك عبد العزيز ومنهجه في مساندة دعوة التوحيد
إبراهيم بن محمد الغدوني/ معلم سعودي في جمهورية السنغال

كان جلالته قد تلقى العقيدة على مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن على منهاجهم... ولما مَّن الله عليه وعلى المسلمين، وتولى على نجد والأحساء وعلى الحجاز أزال المنكرات البدعية والشركية، وأحيا مذهب السلف الصالح الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (1).
يقول الملك عبد العزيز - رحمه الله - في إحدى كلماته النيرة: (أنا داعية لعقيدة السلف الصالح، وعقيدة السلف الصالح هي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وما جاء عن الخلفاء الراشدين، أما ما كان غير موجود فيها، فأرجع إلى أقوال الأئمة الأربعة منها ما فيه صلاح المسلمين)(2).
ويعتبر المؤسس الملك عبد العزيز يسير على تلك الموجة التي رسمها له آباؤه وأجداده في حماية الدين والذب عن حياض العقيدة في صدق من النوايا والعمل بكل تفان وإخلاص في سبيل نصرة الدين الإسلامي وخدمة الدعوة ونشرها وتحكيم شريعة الله وتطبيق منهجه قولاً وعملاً واعتقاداً، واقتفاءً لأثر السلف الصالح منذ أن قامت في عهدها الأول - واستمرار ذلك النهج والمنهاج في فترات تاريخها المديد حتى العصر الحديث، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وهناك شواهد كثيرة لا يتسع المجال لسردها ولكنني سوف أستعرض جانباً على سبيل المثال لا الحصر.
ولننظر إلى المؤسس الأول لهذه الدولة السعودية الإمام (محمد بن سعود) حينما قذف الله في قلبه محبة الخير والدعوة والدين، فناصر صاحب الدعوة وأحب ما دعا إليه حيث سار إلى بيت ابن سويلم ورحب بالشيخ محمد بن عبد الوهاب قائلاً له وبكل ثقة وشجاعة: (أبشر ببلد خير من بلادك وبالعز والمنعة) فقال الشيخ: (وأنا أبشرك بالعزة والتمكين إذا عاهدتني على كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم (لا إله إلا الله) من تمسك بها وعمل بموجبها ونصرها ملك بها العباد والبلاد) (3).
قلت: وهذا دليل على أن لبنة هذه الدولة كانت منطلقة من الجهاد في سبيل الله ونصرة الإسلام وإظهار عقيدة السلف الصالح حتى هذا اليوم - إن شاء الله - قال ابن خلدون: (وسره أن القلوب إذا مالت إلى الدنيا وقع التنافس وفشا الخلاف وإذا رفضت الدنيا وأقبلت على الله اتخذت وجهتها فذهب التنافس، وقل الخلاف... والتاريخ أكبر شاهد على ذلك ما سجله ونقله من سقوط الدولة وزوال الممالك إلا بسبب البعد عن الدين والفرقة والاختلاف)(4).
ويعتبر الملك عبد العزيز عنده من علم العقيدة الذي جعله يسعى لخدمة هذه العقيدة وأنها هي الدعامة الأساسية لبناء الدولة.
ودونك هذا المثال الذي يبرهن على إحاطة الملك عبد العزيز في علم العقيدة: ذكر عبد العزيز بن محمد الأحيدب: (أن في إحدى زيارات الملك عبد العزيز لبلدة الخرج (يوم 7 ذي الحجة 1363هـ) دخل عليه شاعر من أهل نجد، وفي يده قصيدة استأذنه في إلقائها وابتدأ بمطلعها:
أنتا آمالنا وفيك الرجاء .... ..... ... . ... ....
فصاح الملك تخسأ ولمح في المجلس للشيخ حمد الجاسر، فقال: خذه علمه التوحيد يا ابن جاسر)(5).
ومن مقولاته التي كان يكررها ويقولها في غالب اجتماعاته: (إنني أدعو المسلمين جميعاً إلى عبادة الله وحده والرجوع للعمل بما كان عليه السلف الصالح لأنه لا نجاة للمسلمين إلا بهذا).
وكان يقول رحمه الله:
(أحمد الله على أني أكره أهل الضلال، وعلى كراهية أهل الضلال لي....) (6).
وكتب جلالة الملك عبد العزيز العديد من الكتابات والمراسلات التي كانت تخرج من سويداء القلب. حيث ارتجل جلالته خطبة بليغة في مؤتمر الجمعية العمومية الذي عقد في جمادى الأولى 1347، وحضره عدد كبير من العلماء والزعماء ورؤساء الحواضر والبوادي جاء فيها: (أيها الإخوان: تعلمون عظم المنة التي من الله بها علينا بدين الإسلام، إذ جمعنا به بعد الفرقة، وأعزنا به بعد الذلة... إن شفقتي عليكم وعلى ما من الله به علينا، وخوفي من تحذيره سبحانه وتعالى بقوله: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}كل هذا دعاني لأن أجمعكم في هذا المكان لتذكروا ما أنعم الله به علينا فنرى ما يجب عمله لشكران هذه النعمة)(7).
ولما حسنت نية الملك عبد العزيز جمع الله به شمل العرب ونزع الضغائن من قلوبهم، حتى صاروا بفضل الله إخوناً، ونسوا ما كان عليه من أمور الجاهلية، وأقبلوا على تعلم شرائع الإسلام وطلب الرزق الحلال والبحث عن سعادتهم الحقيقية بعد ما كانوا عليه من قتل النفوس وسفك الدم الحرام وقطع الطريق ونهب الأموال، حتى صارت جزيرة العرب آمن بلاد الله، يسير الراكب فيها آمناً مطمئناً على نفسه وماله لا يخاف إلى الله سبحانه وظلت قوافل الحجاج تأتي بكل حرية وأمان. فلله الحمد على كل حال.
يقول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله- يشير إلى تمسك الملك عبد العزيز بتعاليم العقيدة الإسلامية السمحة والتقيد بمضامينها السماوية الخالدة: (الشيء الذي تأثرت به من الملك عبد العزيز هو ما فيه شك إنه مرب كبير ودائماً عند ما نكون في حضرة الملك عبد العزيز التركيز الأساسي هو كيف يوضح لنا مفهوم العقيدة... كانت نصائحه دائماً تنصب على العقيدة الإسلامية ويقول هي الخير والبركة ولولا أن هذه البلاد متمسكة بالعقيدة الإسلامية ما كان وصلت إلى ما وصلت إليه)(8).
وإليك بعض الشهدات التي قدمها عدد من الساسة والمفكرين والصحافيين والمؤرخين في العالم تتحدث عن مناقب وإنجازات جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود كنموذج وقدوة لتطبيق الشريعة الإسلامية السمحة القائمة على عقيدة صحيحة وفهم سليم ونية صادقة مقرونة بما عرف عنه - رحمه الله - من حلم وأناة وحكمة وقوة في الحق.
يقول مفتي الديار المصرية الأسبق الشيخ (محمد حسين مخلوف): (أسس عبد العزيز ملكاً عظيماً شعاره كلمة التوحيد الخالص وأساسه إعزاز الإسلام وأهدافه سعادة الأمة التي لبثت دهوراً تزخر تحت أثقال الظلم والجبروت وتعاني أقسى الشدائد وشر ضروب الفوضى بل عمل على إسعاد المسلمين الوافدين من أقطار المعمورة...) (9).
وفي نفس السياق تقول جريدة: (لايفننج وورلد الأمريكية) ابن سعود لا يحابي في دينه ولا يعرف فيه رحمة ولا هوادة، ويرجع أحد المؤرخين الغربيين أسباب العدالة في عهد الملك عبد العزيز إلى اعتمادها على الشريعة فيقول: (وليمزار مسرونج) أما عن العدالة في مملكة (ابن سعود) فيمكن في هذا الصدد رواية قصص مدهشة فالعدالة هناك قائمة على أساس الشرع الشريف وهو القانون المقدس عند المسلمين وهو ذلك القانون المرن المحكم) (10).
ويقول رئيس جامعة الأزهر الأسبق الدكتور (محمد الطيب النجار): (عن استتباب الأمن على يدي الملك عبد العزيز بفضل تطبيق شرع الله، حسبه أنه استطاع أن يحول هذه البلاد إلى الأمن والاستقرار الشامل الذي صار مضرب الأمثال وحديث القرون والأجيال ولا غرو فقد قام بتطبيق الشريعة الإسلامية وأقام الحدود المشروعة...) (11).
عظمته في دينه
وأما عظمته في دينه واستقامته، لم يفرط في أي ركن من أركان الإسلام طول حياته وأن مجالسه الصباحية والمسائية كانت عامرة بذكر الله من الدروس الدينية في الحديث والتفسير وكان يرتجف خشية من الله حين يقول له أي فرد من رعاياه (خاف الله يا عبد العزيز) وكان خاضعاً للشريعة الإسلامية السمحة صريحاً على تنفيذ أحكامها متمسكاً بها.
والمعروف عنه - رحمه الله - أنه كان يتهجد في الليل في السلم والحرب وقد ذكر عن بعض الملازمين له في أكثر حروبه وغزواته قصة إن دلت على شيء فإنما تدل على قوة إيمان عبد العزيز وشدة تمسكه بخالقه: قال: (كنت في إحدى الحروب أتفقد الخيل نصف الليل، فإذا بي اسمع صوت عويل صادر من خيمة (أبو تركي) وكنت حاملاً سلاحي فتوجهت نحو الخيمة. فوجدت بوابها (إبراهيم الحميدي) واقفاً عند مدخلها، فسألته ما الخبر؟ قال: لقد سلم أربع تسليمات ثم وقف وسط الخيمة يتضرع إلى الله ويبكي كما تراه. فنظرت داخل الخيمة فرأيته كما وصف واقفاً رافعاً أكف الضراعة إلى الله يسأله من فضله ويجيش بالبكاء والناس نيام) (12).
وقد كان - رحمه الله- وقافاً عند حدود الله لا تأخذه في الحق لومة لائم يستشير العقلاء من أهل العلم في أكثر الأمور الهامة ويعمل بما دل عليه الدليل ولا يقدم على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أحد كائناً من كان. وكان فخوراً بالدين الإسلامي يفديه بكل ما يملك وكان - رحمه الله - يقول: (إنني أفخر بكل من يخدم الإسلام ويخدم المسلمين وأعتز بهم وأساعدهم وأؤيدهم وإنني أمقت كل من يحاول الدس على الدين وعلى المسلمين. ولو كان من أسمى الناس مقاماً وأعلاهم مكانة).
وقال في إحدى المناسبات: (إننا لا نعتز بشيء أكثر من اعتزازنا بأن وفقنا الله لتطبيق شرعه المطهر وإقامة حدوده التي هي واجب نقدمه ولا نميل عنه وشرفنا بحمل الدعوة الإسلامية وهذا هو عزنا وعز دولتنا وسر نجاحنا الذي ربما جهله الكثيرون)(13).
وكان يقول: (الإسلام عزيز علي ورهبته في قلوب أعدائه كبيرة، فواجب المسلم أن يقوم بالدعوة إلى عبادة الله عبادة خالصة وأن يسعى لإصلاح شؤون المسلمين إصلاحاً حقيقياً لا نظرياً (وكان يقول - رحمه الله -: (دين محمد صلى الله عليه وسلم - دستوري وقانوني ونظامي وشعاري... فإما حياة سعيدة على ذلك وإما موتة شهيدة)(14).
مراجع
(1) من حياة الملك عبد العزيز ص28.
(2) كتاب الأئمة من آل سعود والنهج الإسلامي القديد ص41.
(3) المصدر السابق ص46.
(4) المصدر السابق ص41.
(5) كتاب من حياة الملك عبد العزيز ص71.
(6) المصدر السابق ص80.
(7) المصدر السابق ص47.
(8) وثائق للتاريخ - مختارات - كلمات - لقاءات - الملك فهد بن عبد العزيز الرياض، وزارة الإعلام - الإعلام الداخلي، 1295هـ ص209.
(9) مجلة الرابطة، العدد (408) 26 شوال 1419هـ ص9.
(10) المصدر السابق ص9.
(11) المصدر السابق ص9.
(12) من كتاب من حياة الملك عبد العزيز ص25.
(13) من كتاب الأئمة منآل سعود والنهج الإسلامي الفديد ص47، 48.
(14) من كتاب: من حياة الملك عبد العزيز ص82.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved