Tuesday 6th September,200512031العددالثلاثاء 2 ,شعبان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "متابعة "

عزاء وبيعةعزاء وبيعة

ترحل الحروف بعيدا في عالم النسيان، وتبقى معانيها في أعماق الإنسان هذه هي طبيعة الحياة وسنة الله في خلقه إذ لا تتوقف رحلات المسافرين من الدنيا إلى الآخرة.. وفي يوم أشرقت فيه شمس الحزن على الوطن ومحبي الوطن حاملة مع إشراقتها الألم والأسى.. وأتى الخبر معلنا وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود- رحمه الله-.. وكان خبرًا ثقيلاً.. نعم لقد رحل إلى جوار ربه حاملا دعوات المسلمين وغيرهم من محبيه من مشارق الأرض ومغاربها داعين الله أن يدخله الجنة على ما قدمه لهم من أعمال الخير التي لا تعد ولا تحصى.. لكنه هيأ لشعبه كل مقومات الحياة التي تضمن لهم مستقبلا أكثر أمنا وأعظم رخاء.. رحل وقد أوصل العلم إلى كل بيت وقاد مسيرة التنمية والعطاء إلى عالم التضحية والوفاء كيف لا؟ والمملكة العربية السعودية قد خطت في سنوات قليلة خطوات كبيرة، وأصبح لهذا الوطن العظيم في عهده الزاهر مكانة بين العالم.. رحل وقد أدخل أكبر توسعة للحرمين الشريفين..رحل وكتاب الله يطبع ويترجم.. ويوزع.. نعم لقد رحل ذلك الإنسان الذي برحيله فقدت الأمتان العربية والإسلامية ركناً أساسياً من أركانها، لكنه لم يرحل من الأذهان خاصة شعبه الذي أحبه وبكى لفراقه الذي كان بالنسبة لهم الأب الحنون والرجل الكريم.. وقبل أن يرحل وبعد أن رحل.. جاء من يحمل لقبه وينهج نهجه ليواصل مسيرة البناء على أرض العطاء.. لكن عزاءنا الوحيد هو الإيمان بقضاء الله وقدره.. لقد أدرك الجميع في هذا الوطن عظم المسؤولية وهم يلتمسون من خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله وأيده بنصره، فأسرع الجميع مبايعين ومباركين له، ولولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود- رعاه الله- داعين الله أن يعينهم على حمل الأمانة.. ومازادنا صبرا وقوة هو ما نلمسه من الأسرة المالكة الكريمة من قوة الترابط والتكاتف الذي عرفناه عنها... إن التاريخ سيبقى شاهدا للأجيال العالمية على مواقفه النبيلة- رحمه الله- والتي تتجلى فيها معاني الرحمة والإنسانية التي تمتد أصالتها من نبع الحكمة.. إن العالم لم ولن ينسى وقفته وحنكته أيام الغزو العراقي الغاشم على الكويت حين تحركت نخوة الأخوة العربية والإسلامية وحق الجوار بأن فتح هو وشعبه قلوبهم قبل أراضيهم لإخوانهم الكويتيين، وظل يواصل نجاحاته السياسية فأخمد نار الحرب الطاحنة التي كانت تدور رحاها في لبنان، فأعاد بناءها ووحدة صفها بعد أن فشل العالم بأسره في إيقافها، وكانت القضية الفلسطينية شغله طوال حياته، لقد امتدت يد الإنسانية إلى كل من أصيب في نفسه ووطنه وغيرها من المواقف التي تعجز الحروف والكلمات عن ذكرها، فهذه المواقف ماهي إلا نقطة في بحر.. لقد اتسعت في عهده الميمون رقعة الإسلام إلى كل مكان إذ لا نجد جزيرة ولا مدينة من العالم العربي إلا ويرتفع فيها صوت الحق.. نعم يا خادم الحرمين لقد كنت أكبر من المسؤولية ورمزا للقيادة والشموخ، وأنا أنظر إلى تراب الوطن أقرأ في عمقه قصصا من الحزن والأسى على فقيد العالم أحس في نظراته أنه يريد أن يصرخ بأعلى صوت ليردد معه الوجود، وهو يقول إلى جنة الفردوس يا رجل الإنسانية، وبينما العالم يتساءل كيف سيشيع جثمان الرجل الذي ملأ أصقاع الدنيا بذكره الطيب كانت الأسرة المالكة وبإيمانها وتمسكها بكتاب الله وسنة رسوله- عليه الصلاة والسلام- كانت قد قطعت هذا التساؤل، لقد انبهر العالم بحق وهو يشاهد تشييع جثمانه على الطريقة الإسلامية التي من خلالها نقلنا للعالم أننا بألف خير ما دمنا متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم-.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهمنا الصبر والسلوان، وأن يديم لنا خادم الحرمين وولي عهده الأمين ويعينهما على تحمل المسؤولية، وأن يبارك في الأسرة المالكة التي نعاهدهم أن أرواحنا فداء لهم ولتراب الوطن وإلى مزيد من الخير والعطاء.

جابر بن حسين المالكي
الكتيبة الأولى بلواء الأمن الخاص الأول بالحرس الوطني

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved