ضمن منشورات دار ابن الجوزي صدر كتاب (التعليم ورسالة التربية: عرض وتحليل) من تأليف: محمد بن ابراهيم الريس وقدم له معالي الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر. ضمن مقدمته للكتاب يذكر المؤلف انه حرص على ابراز أهمية التربية والدور الذي يقوم به كل من المعلم ومدير المدرسة والمشرف التربوي ومجالات تحسين أدائهم قبل وأثناء الخدمة ورفع كفايات أساليب العمل لديهم.. هذا إلى جانب دورهم المؤثر في تحديث وتطوير البرامج التعليمية في ظل المستجدات العلمية والتكنولوجية. وذكر معالي الدكتور الخويطر في كلمته للكتاب: تعودنا أن نقدم التربية على التعليم عندما نريد أن نتحدث عنهما معاً، لأن هذا أولاً أخف على اللسان، وثانياً لأن التربية تبدأ قبل التعليم، وثالثاً لأن التعليم داخل في التربية منذ بدئها مع الطفل، فإذا ربيت الرضيع على نظام معين للرضعات فأنت علمته شيئاً كان بالإمكان أن يتعود على غيره. والتربية والتعليم في مراحل لاحقة متلازمان لا يكاد أحدهما يفارق الآخر، ولهذا صار لهما أهمية في سعادة المجتمع، بإذن الله، إذا اتقنا، وربما شقاؤه إذا لم يتقنا أو أهملا البتة والحديث عنهما يطول لو أردنا أن نرجع إلى تاريخ التربية والتعليم عند الأمم في الحقب الماضية، وتاريخهما لدى العرب والمسلمين، وما حديثنا اليوم إلا عن التربية والتعليم في زمننا الحاضر، نظرياً وعملياً، ما نبع من أصولهما ومبادئهما من ديننا وواقعنا وإمكاناتنا المختلفة، وما أخذناه اختياراً من غيرنا وما غزانا غزواً وفرض نفسه علينا تسللاً أو تسلطاً، وما اختلط من هذا بذلك، وما انعزل منه وأخذ جانباً منفصلاً. والحديث عن التربية والتعليم في هذا القرن كتب فيه ما لا يكاد يحصى من الكتب والنظريات ونتائج التجربة العملية، وكان السابقون في هذا هم رجال التربية والتعليم في مصر، وما يكتب اليوم هو عن جانب محدود، وغالباً ما يكون مرتكزاً على جانب من جوانب تجربة توبعت حتى بدا فيها ومنها ما يوجب الكتابة، وكل معلم مخلص مفكر متابع يجد أن لديه ما يدلي به، ويشعر أنها أمانة لابد أن يقدمها. وكتاب (التعليم ورسالة التربية: عرض وتحليل) للأستاذ محمد بن إبراهيم بن محمد الريس مختصر مفيد، لا يستغني عنه المدرس اليوم، ففيه لمحات سريعة ثاقبة عن جوانب مهمة. والاختصار فيها هو أحد مصادر قوتها، والاقتصار أحد جوانب جاذبيتها، وقد تحرى فيه كاتبه ما لمس أن المدرس في حاجة إليه. لقد اشتمل الكتاب على ثمانية فصول عالج كل فصل جانباً من الجوانب التي رأى الكاتب أهميتها ففي الفصل الأول تكلم عن التعليم والتربية (اختار أن يقدم التعليم على التربية) وتحدث عن مدلول كل منهما وما له من منهج وهدف يميزه عن الآخر، سواء كان ذلك في التحصيل أو السلوك، أو في الخطط والبرامج، وأساليب التنفيذ والإشراف والمتابعة. وتكلم في هذا الفصل عن المفاهيم العامة للتعليم والتربية معرفاً التعليم وأنه رسالة يقوم بها المعلم ليوصلها إلى المتعلم وما يحكم ذلك، وما يلزم لاتقان هذا العمل من طرق ووسائل. ويلتفت في هذا الفصل إلى التربية، فيوفيها حقها في هذا الجانب، ويبين التفاوت في تعريفها، ووجهات النظر المختلفة نحوها، فمن قائل إنها عملية التناول الواعي، ومن قائل إنها عملية النمو التي يمر خلالها الإنسان، ومنهم من يقفز إلى أنها عملية صلاح الإنسان في هذه الحياة، ويصل المؤلف إلى أنها التطبيق العملي والسلوك لما يتعلمه الفرد. ويصل بعد هذا إلى قول موزون وهو: أن التعليم شيء والتربية شيء آخر. وأن مما لا شك فيه بأن التربية هي الناتج الطبيعي لعمل التعليم. ويأتي في هذا المجال بآراء قيمة تضفي على بحثه ما يجعله يستحق التبصر والتدبر، ويركز الحديث عن التربية كما فعل مع التعليم، وسوف لا أدخل في التفصيل، وأترك القارئ يتمتع بما تمتعت بقراءته. وفي هذا الفصل يختم بالمشاريع التربوية، والمشاريع التربوية مما اعتنت به التربية الحديثة، مما لم يكن متوافراً من قبل في الأزمات الغابرة، مما جعل التعليم يخطو خطوات ثابتة أكثر من ذي قبل، ويردف بالمشاريع الخبرات الفنية التي بدونها لا يستفاد من المشاريع الفائدة المتكاملة، ويعطي أهمية للربط بين الخبرات الفنية وبين القائمين على التدريس، حتى لا يأخذ كل واحد منهما اتجاهاً يختلف عن الآخر، فيضيع كثيراً من الفائدة المرجوة من المشاريع الحديثة بما فيها من امكانات أصبحت لا تحد لكثرتها وسرعة تطورها. ولو أعطيت نفسي هواها في استعراض الفصول الثمانية لأصبحت المقدمة كتاباً، وخرجت بهذا عن طبيعتها، ولهذا أكتفي بما ألمحت إليه لما ورد في هذا الفصل وهو لمحة لا تفصيل فيها كذلك، ولا يوفي الكتاب حقه إلا أن يقرأه مقتنية قراءة متأنية دقيقة، فالفائدة الكاملة تكمن في هذا، لأن الكتاب يعد مرجعاً مختصراً لكثير من الأفكار التربوية.
|