Wednesday 31th August,200512025العددالاربعاء 26 ,رجب 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

نور خفت.. ونجم تلاشى وأفلنور خفت.. ونجم تلاشى وأفل
خالد عبد العزيز الحمادا / متوسطة الشيخ البليهي - بريدة

يوم الاثنين 3-7-1426هـ كان يوماً باكياً وحزيناً على المسلمين جميعاً في كل أنحاء العالم وذلك بعد رحيل الشيخ الداعية أحمد ديدات بعد صراع مع الألم والمرض منذ 1996م وهو يعاني من الشلل الدماغي الذي نسأل الله العلي القدير أن يكون رفعة لدرجاته وتكفيراً لخطاياه.
في مدينة سيرات في الهند ولد الداعية أحمد ديدات عام 1918م ثم بعد ذلك انتقل مع والده إلى جنوب إفريقيا وعلى هذه الأرض ومن هذا المكان بدأت رحلة الطالب وتحقيق الهدف فحفظ القرآن ونهل من معارف وعلوم هذا الدين عن وعي وتبصر وفهم وتعمق في دراسة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتباعها فكانت سنداً وداعماً ومساراً ناضجاً واعياً له تعينه في رحلته وتضيء له طريق جهاده ودعوته، وأيضاً اطلع اطلاعاً واسعاً على دراسة الكتب التي ترد على شبهات المستشرقين حول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى القرآن الكريم. وبعد تشربه السيرة والدراسات المدافعة عن مرجعياتنا وأصولنا الدينية أخذ في القراءة الموسعة للكتب والدراسات التي تحاور النصارى وترد على شبهاتهم. بعد هذه الرحلة العلمية المؤصلة والقراءة الواعية لديننا وفهمه ومعرفته الواسعة بالديانة النصرانية وقمع شبهاتهم والرد عليها بالبرهان والدليل ذاع صيت ديدات في محاوراته المتلفزة والمسجلة والمدونة في الكتب مع قساوستهم ورجالهم ومن أشهرها محاورته لجيمي سواجارت وأنيس شروش وكلارك وغيرهم.
منذ أن حطت أقدامه في جنوب إفريقيا وخاصة في مدينة (يربان) والشيخ الداعية قد رسم خطته ونذر وقته وماله ونفسه في تحقيق مشروعه وهدفه وهو أن يعيش حياته منافحاً عن هذا الدين وناشراً تعاليمه الوافية السمحة داعياً أصحاب الديانة النصرانية إلى كلمة سواء ورفض الديانة المحرفة وتحكيم عقولهم ونبذ أهوائهم والدخول إلى هذا الدين القويم خاتم الأديان وأكمل الرسالات.
كان هذا مشروع الشيخ وهذا هو هدفه أن يستثمر كل دقيقة في نشر فضائل وتعاليم وسماحة هذا الدين فأسلم على يديه خلق كثير ونفع به جماعات ومجتمعات.. استخدم الشيخ في دعوته عدة وسائل دعوية فلم تنحصر دعوته في محاضرة أو في كتاب أو في خطبة بل تنوّعت طرقه وتعددت وسائله فتجده أحياناً محاوراً وأحياناً أخرى محاضراً ومرة تجده يكتب ويؤلف حتى خلف لنا مكتبة كبيرة وكتباً كثيرة من أبرزها (مسألة صلب المسيح) و(هل الإنجيل كلمة الله؟) و(القرآن كلمة الله). لم تكن ملايين المطبوعات والكتب نهاية طموحه وآخر حدوده بل أسس هناك مراكز ومعاهد تبث الخير وتشع بالنور، تدرب وتعلم وتخرج فأسس معهد السلام والمركز الدولي للدعوة في مدينة (يربان).
همة عالية وفكرة ناضجة وطموح لا ينتهي، عمل دؤوب وجهد متواصل لا ينقطع، عقلية متفتحة واعية وعقيدة نقية صافية أسست لنا هذا المشروع وكوّنت هذا الرجل وخلفت لنا منبراً ومدرسة ما برحت تعلم الخير وتلهج بالذكر وسيستمر خيرها ولن يتوقف مددها وعطاؤها.
كم نحن في حاجة إلى مثل هؤلاء الكبار وهذه النماذج الصادقة والقلوب الواعية التي تحيا لا لتأكل وتموت وإنما لتحيي أمة وتؤسس مدرسة وتؤصل عقيدة وتخرج أجيالاً وتسخر كل وقتها وجهدها وطاقاتها من أجل أن ينتشر الخير ويتقلص الشر ومن أجل أن تسهم في صناعة الحياة وأن تكون عضواً فاعلاً لا منفعلاً، عضواً نشطاً منتجاً لا عالة على أمته ومجتمعه.
رحل الشيخ.. ترجّل الفارس.. ودعنا الصادق الخير، نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً. رحل الداعية أحمد ديدات ولم يكن موته خبراً عارضاً في زحمة الأحداث بل بكته القلوب وحزنت له الجموع وسالت على وجناتنا الدموع {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم جازه على ما قدم لأمته خير الجزاء وأسكنه جنة الفردوس وصبرنا وذويه على فراقه وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved