السبيل إلى وقف العنف في العراق
أحمد أبا الخيل

أدى الاحتلال الأمريكي للعراق إلى اندلاع عنف مستعر لا يفرق بين محارب ومسالم، ويكاد المواطن العراقي يصل إلى وضع إما أن يكون فيه قاتلاً وإما مقتولاً، وفي أحسن الأحوال جريحاً، تماماً كما نبّه إلى ذلك مفكر (العقد الاجتماعي) وصاحب كتاب (التنين) توماس هوبس، عندما قال إن الناس يتحولون إلى حيوانات مفترسة بمجرد سقوط الحكومة.
ويؤمن كثيرون بأن حل مشكلة العنف في العراق يكمن في خروج الأمريكان ومعاونوهم من قوات التحالف من بلاد الرافدين، في المقابل يرى آخرون أن خروج القوات الأمريكية ينذر باندلاع حرب أهلية بسبب التكوين الفسيفسائي والتشرذم الطائفي في العراق، ولذلك يطالبون ببقاء القوات الأمريكية حتى تكتمل العملية السياسية تماماً وينشأ عراق ديمقراطي جديد يستوعب كل الاختلافات الطائفية والعرقية المتجذرة.
ولكن يبدو أن كلا الطرحين قد جانبهما الصواب، فلا جلاء الأمريكان عن العراق سينهي العنف ولا اكتمال العملية السياسية سيحل المشكلة، فانسحاب قوات التحالف فجأة وترك الأمور كما هي عليه الآن سينشأ عنه فراغ أمني رهيب وسيغرق العراقيون في حرب لا يعلم شراستها ومنتهاها إلا الله.
كما ان سير العملية السياسية وتطورها منذ بدء الاحتلال لم يعمل حتى الآن على تخفيف حدة العنف، فمنذ إنشاء الحكومة الانتقالية ومروراً بانتخابات الجمعية الوطنية وحتى صياغة مسودة الدستور ووتيرة العنف تزداد حدة، حتى إن بوش وفي الوقت الذي يهنئ بصياغة المسودة يناشد مواطنيه بتحمل وتجرع مزيد من التضحيات.
ويرى بعض المشغولين بقضية العراق أن الحل يكمن باستبدال قوات التحالف الأجنبية بقوات إسلامية وعربية ترضي أطراف النزاع، وترعى تطور العملية السياسية حتى اكتمالها، وأعتقد أنه الحل الأكثر منطقية من بين الحلول المطروحة كون هذا الحل سيجنب العراقيين الفراغ الذي قد يتركه خروج القوات الأمريكية كما سيبطل حجة الاحتلال الأمريكي لتبرير العنف عند الجماعات المسلحة.