Tuesday 30th August,200512024العددالثلاثاء 25 ,رجب 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

المقالة (مهلهلة) ولا بد أن تعي ما تقرأ أيها المتعبالمقالة (مهلهلة) ولا بد أن تعي ما تقرأ أيها المتعب

لم أتعب في قراءة مقالة مثلما تعبت في قراءة مقالة عبدالعزيز المتعب المنشورة يوم الاثنين 17-7-1426ه في عزيزتي تحت عنوان (الهويمل ناقض نفسه.. وآل الشيخ وابن بخيت محاربان).. لا أخفيكم أن أقراص (البنادول) كانت قريبة مني وليست بالبعيدة عني حتى تسكِّن صداعي وتخفف أوجاعي التي عانيت منها وأنا أقرأ هذا الكلام المتناثر المختلط المهلهل المضطرب.. ولحين كتابة هذه الخطوط وأنا ما فتئت حائراً ولا أدري كيف أحاور الأخ الكاتب ومن أين أبدأ في مناقشة مقالته. فالمقالة لم تُبنَ على فكرة لها أول وآخر وبداية تجزِّئ الفكرة ثم تلملمها في نهاية المقال.. ولم تكن المقالة تعليقاً على مقالة الدكتور حسن (سياسة التوازن وتوازن السياسة).. المقالة عجيبة تجعل الحليم حيران وأقرب شبيه لها هو (محلات أبو ريالين) لا لأن المعروض بثمن بخس دراهم معدودة وإنما لكثرة الخلط وعدم التنظيم ف (الزرادية والمفك والصحن والملعقة..) تجدها مجتمعة مع الدفاتر والأقلام وإكسسوارات ومكياج النساء.. فكل شيء تجده أمامك مثل مقالة أخينا الكاتب، وأرجو من الأخ الكاتب والأخوة القراء ألا ينزعجوا من طرحي ويتهموني بالخروج عن الموضوعية ومطاردة الهوى، فأنا حريص على أن أكون موضوعياً منذ البداية لا عاطفياً ولا منفعلاً فنحن من خلال هذه السطور لا نناقش (المتعب) وإنما نناقش الكلام المطروح بين أيدينا على صفحة عزيزتي.. في البداية اجتزأ الأخ الكاتب كلاماً لحمد المرزوقي من كتابه (إشكاليات فكرية معاصرة) يبين فيه المرزوقي كيفية التعامل مع الآخر وهو كلام جميل، لكن الأخ الكاتب عندما صدَّره في بداية مقاله كأنه يقدم نصيحة ويوحي لنا ولمن يختلفون مع (آل الشيخ وابن بخيت المحاربين!!) بأن يتجردوا من الهوى ويفصلوا بين الشخص ورأيه فلا يسجِّلون منه موقفاً منفعلاً وعلى هذه الصياغة وانطلاقاً من نظرية الكاتب، فالذي يقول بأن الحضارة الإسلامية غير شمولية هذا يكون موضوعياً متجرداً من الهوى لا ينساق خلف العاطفة وإنما يناقش بتعقل وموضوعية، بينما الذي يعيد الشيء إلى أصله ويؤكد شمولية الحضارة الإسلامية بشهادة من رجالاتها ومبدعيها ومفكريها، فهذا عاطفي منغمس في الذاتية يلغي الآخر ولا يناقش بترو وموضوعية وتعقُّل.. لكن تعال معي أخي المتلقي لننظر هل الأخ الكاتب طبَّق على نفسه هذا الشيء والتزم الحيادية والموضوعية وتجرد من الهوى والعاطفة أم ترك ذلك وغطس في الذاتية.. دعنا أولاً نأخذ عنوان المقال: (الهويمل ناقض نفسه وآل الشيخ وابن بخيت محاربان!!).
ماذا تفهم وتشم من هذا العنوان؟ هل تفهم الحيادية والموضوعية أم أن الأخ الكاتب أعلامه مرفوعة ترفرف في ناحية وجهة محمد آل الشيخ وابن بخيت وتزكيتهما بأنهما مجاهدان محاربان؟! قد نهضم العنوان ولا نطيل الوقوف حوله لو أثبت لنا ذلك وقرأ كتابات الخصمين قراءة متأنية واعية، لكن يبدو أن الأخ الكاتب أخذته العجلة ودفعته العاطفة ولم يحفظ درس المرزوقي جيداً أو قد يكون حفظ الدرس لكنه لم يأخذ به ولم يطبقه في رده، واسمع إلى درسه الأول: (إن الموضوعية تعني (التجرد) من العواطف والأهواء أي تحرير الذات من ميولها الخاصة عندما تحاكم ظاهرة من الظواهر أو تحكم عليها). يا سلام.. كلام جميل.. كم تمنيت أن الأخ الكاتب أخذ وعمل به في رده لكن هذا الكلام تلاشى وغاب عنا ولم نجده في بقية المقال وذلك عندما جاءت لحظة الامتحان.. وعوداً على العنوان، فما علاقة عبدالله بن بخيت في الموضوع، وهل حشره في العنوان من الموضوعية؟ الذي أنا أعرفه والقراء أن الأخذ والرد في قضية شمولية الحضارة الإسلامية بين الدكتور حسن وآل الشيخ.. فابن بخيت لا علاقة له في الموضوع. المقالة حقيقة دوَّختني وشتت أفكاري، فرغم الدروس عن الموضوعية وعدم الذاتية والحيادية التي تقابلنا في كل سطر من المقالة (.. وعدم مصادرة الرأي الآخر شريطة الموضوعية والحيادية الهادفة، فإنني أجتهد بمداخلة انطباعية..) إلى أن يقول: (وليس أخيراً لاتفاقي العفوي الموثق الذي يقع بين النسبي والمطلق مع ما يطرحه أحدهما متوخياً الحيادية الموثقة ما استطعت - إن شاء الله). وفي موضوع آخر يقول: (ولأن في الابتعاد عن الموضوعية ولو بشكل نسبي ويسير فقداً لآداب الحوار وشروطه إضافة لإسهامه في تربية القارئ الناشئ من الجيل الجديد على تكوين الانطباعات الذاتية السريعة المنفعلة والمتسمة بالتشنج والارتجال..) أكتفي بهذا حتى لا يتحول مقالي عن الموضوعية إلى (الموضوعية والحيادية كما أطربنا بها أخونا الكاتب، فرغم هذه الدروس المطولة إلا أن كاتبنا المحترم ابتعد عن الموضوعية ولم يتمثلها حيَّة واضحة صريحة في مقالته، فلم يورد قول الأخ محمد آل الشيخ ثم يورد رد الدكتور حسن الهويمل عليه ثم يناقش قوليهما ويدلي برؤيته حول الموضوع بكل حيادية وموضوعية وتجرد.. لا كاتبنا العزيز لم ينتهج هذه الطريقة أبداً وهو فيما يبدو لي، بعيد كل البعد عن قضية النقاش التي دارت بين الكاتبين فقد يكون سمع بها أو قرأ شيئاً منها.. المهم أن طريقته تنافي الموضوعية، فكيف تدخل في قضية النقاش فيها (محامي) وأنت لم تقرأها وتعيها وعياً جيداً..
آل الشيخ الطرف الرئيس في الموضوع وابن بخيت (المحاربان) كما جاء في العنوان لم نقرأ لهما شيئاً في المقالة سوى التزكية الآتية من (الإساءة لقلم صاحب تجربة متبلورة تماماً وصاحب مهنية عالية وإحساس أصيل متجدد عصري يواكب كل المتغيرات.. الخ) وحتى لا نطيل على المتلقي ونضيع جهدنا ووقتنا في مقالة مصبوغة بالعاطفة غارقة حتى الأذنين في الذاتية والمزاجية وبعيدة بعد السماء عن الأرض عن الحيادية والموضوعية.. فالمقالة موجهة بدقة إلى الدكتور حسن الهويمل ومدافعة بشراسة عن (المحاربين) محمد آل الشيخ وعبدالله بن بخيت، ونحن لا نصادر رأي الأخ الكاتب ونلغي رأيه ونجبره على مراجعة قوله أبداً.. هذا رأيه وأنا أحترمه.. لكن المشكلة تكمن عندما ننصت لمحاضرة كاملة عن الموضوعية والحيادية والتجرد ثم لا نمسك شيئاً سوى انتقاد مركّز على الدكتور حسن بأنه ناقض نفسه في مقالته (سياسة التوازن وتوازن السياسة) وأنه يشن حرباً شعواء على الشعر العامي.
لكن ما قصة تناقض الدكتور حسن؟ تعال معي لترى أن كاتبنا العزيز يتعجل في الحكم أو أنه لا يستوعب ما يقرأ، طبعاً رأي الدكتور حسن في الدولة العثمانية: (إنها تمثل رمز الخلافة الإسلامية ولا ننقم عليها لأن الغرب كاد لها وأرداها ولا نصفها بالمستعمر ولا بالمحتل كما يحلو للعلمانيين..) فمن المعروف لكل مسلم أن الدولة العثمانية هي وريثة الخلافة وانتشرت فتوحاتها الإسلامية في كل مكان وهذا الاتساع الكبير أثر في تماسكها وأوهن قوتها وأيضاً تكالب الغرب عليها كان السبب الرئيس في سقوطها، ثم إن الدكتور قبل كلامه السابق عن الدولة العثمانية ذكر مأخذاً على الدولة العثمانية في بداية مقاله وهو في الحقيقة سلبية على العثمانيين عندما اهتموا بالحرمين فقط وأهملوا قلب الجزيرة العربية (التي لم تكن تحفل بقلب الجزيرة العربية وما يجتاحها من فتن عمياء وأمراض وبائية وفقر مدقع.. الخ) لا أدري أين يكمن التناقض إلا إذا كان كاتبنا العزيز يفهم التناقض بطريقة أخرى مخالفة لما نفهم.. الذي أعرفه عن التناقض أنك تذكر قولاً أو رأياً ثم تنقضه بطريقة معاكسة، أما أن تقول إن الدولة العثمانية دولة إسلامية وخلافة شاسعة لم نكن نتمنى سقوطها ثم نذكر بعض المآخذ عليها، فهذا في تصوري ليس تناقضاً بل رأياً منصفاً واعياً..
وفي نهاية مقالتي أحب أن أصحح معلومة وخطأ كبيراً وقع فيه الأخ الكاتب عندما اتهم الدولة العثمانية بأنها دولة علمانية أي لا دينية ويبدو أنه لم يقرأ تاريخ نهوضها وقوتها وإنما اكتفى بقراءة تاريخ ضعفها وسقوطها عندما تآمر عليها الغرب وجاهد في علمنتها عن طريق (أتاتورك).. أتمنى من الأخ الكاتب أن يتمثل دروسه الجيدة عن الموضوعية والحيادية ويطبقها واقعاً لا كلاماً مزركشاً في مناقشاته ومشاركاته.

خالد عبدالعزيز الحمادا/ بريدة

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved