أضواء
الصمت تمزيق للعرب والمسلمين
جاسر عبدالعزيز الجاسر

لم يخف الرئيس الأمريكي ورئيسة الاتحاد الأوروبي المملكة المتحدة (بريطانيا) سرورهما بتمرير مسودة دستور العراق، إذ لاحظ المراقبون أن هناك غبطة وتأييداً لما جرى من تمرير لمسودة الدستور في الدوائر الأجنبية وبخاصة غير العربية فبالإضافة إلى واشنطن والعواصم الأوروبية صدرت إشارات تأييد من طهران وحتى تل أبيب في تناقض ملحوظ إذ عادة ما يتم تعارض المواقف بين إيران وإسرائيل منذ الثورة الإسلامية في إيران، وقد تكون المرة الأولى مما يعكس توافقاً بين مصالح البلدين.
والملاحظة الثانية أن الدول العربية عامة والدول المجاورة خاصة قد تجاهلت الحدث واستقبلت تمرير المسودة بالصمت، وكأن الحدث لا يعنيها بشيءٍ وإذا ما استثنينا تمنيات سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في إيجازه الصحفي الأسبوع الماضي بأن يحافظ دستور العراق على وحدة العراق وانتمائه العربي والإسلامي، وأن لا يكون سبباً في تقسيم العراق، وتساؤلات أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى عن مضامين ونصوص دستور العراق عن انتمائه العربي، فإن العرب لم يصدر عنهم أي شيء عن هذا الدستور الذي يراد له أن يكون (نموذجاً) لدساتير العرب..!!
دستور العراق.. الحاضن لقنبلة التقسيم، المكرس للطائفية والعنصرية وتغليب المحاصصة على الكفاءة يراد له أن يطبق على أهل الخليج أولاً ثم يعمم على العرب جميعاً، ومنه إلى الشرق الأوسط الكبير.
الرئيس جورج بوش وسفيره في بغداد خليل زلماي اعتبرا ما طُبخ في المنطقة الخضراء في بغداد وسموه دستوراً بأنه أفضل دستور تشهده المنطقة العربية ويجب أن يكون مثالاً يحتذى به، ومعنى هذا أن تتحول دول الشرق الأوسط الكبير إلى دول فدرالية في بداية مسيرة التقسيم وصولاً إلى (إسرائيل) النموذج المحتذى الذي يراد لكل دول الشرق الأوسط أن تكون صورة مطابقة لها.. كيانات طائفية مصغرة (تنعم بالديمقراطية الغربية) وبعد إقرار دستور العراق الذي سيحول العراق إلى فدرالي مكون من أقاليم للأكراد والعرب الشيعة والعرب السنة، فإن الدور سيكون صوب إيران، حيث يسعى من كانوا وراء دستور العراق إلى جعله فدرالياً مكوناً من أقاليم فدرالية في الجنوب الغربي للعرب، وفي الشمال الغربي للأكراد وفي الشمال الشرقي للأذربيجانيين وفي الجنوب الشرقي للبلوش ويبقى إقليم الوسط للفرس.. أي حصرهم مثلما يراد حصر العرب السنة في العراق.
هذه هي أبعاد دستور العراق الجديد الذي يراد له أن يكون نموذجاً لدول الشرق الأوسط.. البداية العراق.. وقد تكون إيران الدولة الثانية أو الثالثة.. المهم أن يعي الجميع أن تفتيت الدول العربية والإسلامية سيكون بقوانين .. ودساتير .. وبثوب ديمقراطي.