وفقدت الأمة قائدها

فقدت الأمة قائداً فذاً من أعظم قاداتها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- .
فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله ملء السمع وملء البصر هو الحاضر الغائب إنجازاته تعدت حدود الزمان والمكان.
قائد محنك أبدع في المعطيات والمنجزات لو أردت استعراض منجزات ذلك القائد الملهم لعامٍ واحد ما استطعت.
فكيف بمسيرة تجاوزت عقدين من الزمن كلها عطاءات وإنجازات فإنجازاته- رحمه الله- تعدت نطاق الحصر.
فالأمن والاطمئنان سمتان بارزتان في هذه البلاد والأمن من أعظم ما تنعم به هذه البلاد. ذلك أننا في بلد يطبق شريعة الله ويقيم الحدود لذا آمننا الله من خوف وأطعمنا من جوع، ونحن في مجتمع متماسك - منذ أن وحد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه هذه البلاد - لا تخترق صفوفه أي فئة تحاول الإساءة إليه.
والأمن يرفرف ولله الحمد في هذه البلاد يسير الراكب مسافات طويلة لا يعترضه أحد يسير بأمان الله دون وجل ولا خوف تحيطه رعاية الله، وكل ذلك بفضل الله ثم بوجود رجال أقوياء بالله يسهرون على أمننا ويطبقون حدود الله فينا، لقد كان توفير الأمن للمواطن من أولويات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله-.
ومثله فقد شهد الحرمان الشريفان أكبر توسعة لهما في عهده -رحمه الله- وخدمة الحرمين من أولويات اهتماماته إذ يقول (لقد كرمنا الله بما خصنا به من شرف خدمة الحرمين الشريفين ووفقنا وأعاننا أن مكننا من تجنيد كل إمكاناتنا المادية والبشرية في خدمة ضيوف بيت الله الحرام).
لقد أمر - رحمه الله- بتوسعة الحرم المكي وتحسين مرافقه وزيادة طاقته الاستيعابية وتابع بنفسه مراحل التنفيذ منذ أن تسنم مقاليد الحكم.
لقد بدأ مشروع توسعة الحرم المكي عام 1403هـ لقد أمر بإجراء دراسات شاملة لكل ما يمكن عمله لتوسعة الحرم المكي ووضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله- حجر أساس التوسعة السعودية الثانية للحرم المكي، وانتهى العمل فيها رسمياً عام 1413هـ وهكذا تحققت في عهده أضخم وأبدع توسعة لبيت الله الحرام في التاريخ - جعل الله ذلك في موازين حسناته -.
وإلى جانب توسعة الحرم المكي الشريف، لم يغب عن ذهنه -رحمه الله- توسعة الحرم النبوي الشريف لقد أصدر تعليماته لوضع الخطط والدراسات لتنفيذ توسعة المسجد النبوي الشريف ففي عام 1405هـ وضع - رحمه الله - حجر الأساس لهذه التوسعة الكبرى، ولقد أضافت التوسعة مبنى جديداً إلى مبنى المسجد القائم يحيط به من الشرق والشمال والغرب.
وما هذه إلا وقفة سريعة للعناية التي أولاها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد عبدالعزيز - رحمه الله- للحرمين الشريفين وتوسعتهما على أحسن طراز هندسي وتكييف مركزي، وأمام ازدياد حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين نفذت العديد من المشاريع التي تخدمهم في أم القرى مكة المكرمة من أنفاق وجسور وشوارع رئيسية وخطوط دائرية وخدمات الكهرباء والمياه وتم كل ذلك مع صعوبة ووعورة طبيعة الأرض التي قامت عليها تلك المشاريع.
وكذا طيبة الطيبة المدينة المنورة نهضت بمشاريع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله- من تحسين عمارة ما يحيط بالمسجد الحرام وشوارع فسيحة ومساحات وميادين عامة وغيرها من المشروعات التي تليق بطيبة الطيبة.
واستشعاراً من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- بأهمية خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وضع - رحمه الله- حجر الأساس لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة في 16 محرم 1403هـ وافتتحه -رحمه الله- في 6 صفر 1405هـ.
وبعد إنشاء المجمع من أجل صور العناية بالقرآن الكريم حفظاً وطباعةً وتوزيعاً على المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة، وينظر المسلمون على أنه من أبرز الصور المشرقة والمشرفة الدالة على تمسك المملكة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اعتقاداً ومنهاجاً وقولاً وتطبيقاً.
ولقد اهتم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - عليه شآبيب الرحمة والمغفرة- غاية الاهتمام بالمواطن وهو معه دائماً وشغله الشاغل.
دائماً ما يوحي المسئولون بالاهتمام بالمواطن وتيسير أموره والمواطن هو العنصر الأساسي في نظره - رحمه الله- يقول عليه من الله الرحمة والغفران: (إن صناعة الإنسان هي الأساس، فالمال يذهب والرجال وحدهم هم الذين يصنعون المال وكل أهدافنا في البناء والتطور، وتحقيق المجتمع المتقدم لن تتم أبداً إذا لم يتم القضاء على الجهل وإننا لنعتبرها مهمة من أقدس مهمات الحكم.. ويقول غفر الله له: إذا استطاعت الدولة أن تصرف مبالغ بالملايين فإنه لا يمكنها أن تخلق الطاقات العلمية بسهولة لأنه يمكن للإنسان أن يشيّد مدينة لكنه لا يمكنه أن يشيّد رجالاً بسهولة نحن نبني أنفسنا على العدالة والمساواة ونسير على طريق سليم قويم ولا نريد للمواطن إلا الرفاهية وأن يكسب رزقاً حلالاً إننا إذا وفرنا للمواطن الماء النظيف والطرق والكهرباء والتليفون والمستشفى وتهيئة فرص العمل الزراعي والتجاري أو خلافه، فهذا واجب المواطن علينا كمسؤولين أمام الله ثم أمامه).
والشباب هم عماد الوطن هكذا يرى دائماً- رحمه الله- يقول (على شبابنا مسؤولية ضخمة فهم سواعد البناء في يومنا، وعقولنا المدبرة في غدنا).
وهو -رحمه الله- حريصٌ على الشباب دائماً يحضر مناسباتهم ويشعرهم بأبوته ويشجعهم ويثني على مهاراتهم ودائماً ما يوصيهم عندما يمثلون بلادهم خارجياً أن يظهروا بمظهر الشباب المسلم المحافظ على عقيدته الإسلامية المؤدي لصلاته وواجباته وأن يكونوا قدوة حسنة ويمثلوا وطنهم خير تمثيل.
ولأن التعليم هو أساس كل نهضة، فقد كانت إنجازات التعليم في عهده -رحمه الله- تفوق الوصف، فارتباط التعليم بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- ارتباط وثيق ذلك أنه أول وزير للمعارف وبساعديه بنيت النهضة التعليمية ودائماً ما يعتز بهذه الوزارة وبتلك الفترة ويعتبرها من أفضل أيامه وينوه بذلك في معظم المناسبات.
بعدما عُيّن وزيراً للداخلية ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء إلى أن أصبح ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، إلى أن بويع ملكاً وقائداً للبلاد، لقد ظل التعليم نصب عينيه ومصب اهتمامه وحرص على نشره في كافة المدن والقرى يقول - رحمه الله- عندما التقى بطلبة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن (بالنسبة لي لست بغريب على رجال العلم وعلى طلبة العلم فكانت أفضل أيامي التي سوف أعتز بها واعتززت بها في الماضي وسوف اعتز بها في الحاضر وفي المستقبل هو أن شرفني الله فقمت بأعمال وزارة المعارف والتي شُكلت في المملكة العربية السعودية ومعها تقلدت مناصب أخرى، لكني أجد في الواقع أن العلم ورجال العلم هم الذين أشعر بأنهم حولي وأنا كذلك حولهم لإيماني الكامل بأن العلم هو الشيء الأساسي الذي تعتمد عليه الأمم، وفي مقدمة ذلك عقيدتنا الإسلامية السمحة التي هي في الواقع الأساس وهي مقياس لنا كأمة إسلامية، ومن حسن الحظ أن جميع شعب المملكة وبالأخص الأساتذة وطلبة الجامعات، وخلافهم يدركون هذا تماماً ويدركون أنه لولا الله ثم العقيدة الإسلامية لما كان لنا مكانة في هذا العالم).
رحم الله القائد فهد رحمة واسعة وأحسن الله عزاء الأمة في فقده وعظم أجرها ووفق الله بلادنا إلى كل خير بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن
عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان: