|
انت في "حدث في مثل هذا اليوم" |
|
في مثل هذا اليوم من عام 1291 فتح المسلمون مدينة بيروت التي كانت في قبضة الصليبيين. شاء الله أن تكون دولة المماليك التي خرجت من رحم الأخطار العاتية التي أحدقت بالعالم الإسلامي هي التي تحمل على كاهلها تصفية الوجود الصليبي، ووقف الزحف المغولي المدمر الذي سحق في طريقه كل شيء، وزرع الفزع والهلع في نفوس الناس، وكاد يهلك ويدمر معالم الحضارة الإسلامية، ولو لم يكن لهذه الدولة من المفاخر سوى هذا لكفاها فخرا، فما بالك وقد أحيت الخلافة العباسية في القاهرة، وازدهرت في ربوعها الفنون والعلوم والعمارة. وكان أول نجاح أحرزه المماليك في وجه الصليبيين هو انتصارهم في معركة المنصورة المعروفة، وإيقاعهم الملك الفرنسي (لويس التاسع)، زعيم الحملة الصليبية السابعة أسيرا، ولم يفرج عنه إلا بعد أن تعهد بألا يقصد شواطئ الإسلام مرة أخرى. وواصل (الظاهر بيبرس) الجهاد ضد الصليبيين، ووضع برنامجا طموحا للقضاء عليهم وطردهم من الشام، وبدأت هجماته وحملاته في وقت مبكر من توليه السلطنة؛ فهاجم إمارة إنطاكية سنة (660هـ-1262م) وكاد يفتحها، ثم بدأ حربه الشاملة ضد الصليبيين منذ عام (663هـ-1265م) ودخل في عمليات حربية ضد إمارات الساحل الصليبي، وتوج أعماله العظيمة بفتح مدينة إنطاكية سنة (666هـ-1268م)، بعد أن ظلت رهينة الأسر الصليبي على مدى أكثر من مائة وخمسين عاما، وكان ذلك أكبر انتصار حققه المسلمون على الصليبيين منذ أيام حطين واسترداد بيت المقدس. وواصل المماليك جهادهم ضد الصليبيين في عهد السلطان (المنصور قلاوون)، الذي تولى السلطنة في سنة (678هـ-1279م)، فاستولى على (حصن المرقب) سنة (684هـ- 1285م)، واسترد (اللاذقية) سنة (686هـ-1287م)، وفتح (طرابلس) بعد حصار دام شهرين في (688هـ-1289م) ثم تلتها (بيروت) و(جبلة)، ولم يبق للصليبيين في الشام سوى (عكا) و(صيدا) و(عثليت) وبعض المدن الصغيرة، وتجهز لفتح (عكا)، غير أن المنية كانت أسبق من إنجاز حلمه؛ فتوفي في (ذي القعدة 689هـ-نوفمبر 1290م). وبعد وفاته خلفه على السلطنة ابنه (الأشرف خليل)، وشاء الله تعالى أن يطوي آخر صفحة للحروب الصليبية على يديه، وأن ينهي الفصل الأخير من القصة الدامية للحروب الصليبية في بلاد الشام. استهل (الأشرف) حكمه بالتخلص من بعض رجال الدولة البارزين، الذين كانت لهم السطوة والنفوذ في عهد أبيه، وبإحلال الأمن في جميع ربوع البلاد، وبدأ في الاستعداد لمواصلة الجهاد ضد الصليبيين، وإتمام ما كان أبوه قد بدأه، وهو فتح عكا، وإنهاء الوجود الصليبي. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |