لا ثمار للسلام دون سلام

تقفز إسرائيل إلى نتائج السلام دون أن تجهد نفسها بأي عمل جاد من أجل تحقيق السلام، فهي بالأحرى تتحرك في فراغ عريض دون أن تحقق أي شيء على أرض الواقع يمكن أن يفيد أن شيئاً يتم إنجازه في سبيل التسوية..
ومع ذلك فهي تجد من يروج لمشروعاتها نيابة عنها باعتبار أنها مشروعات سلمية تستحق أن تكافأ عليها إسرائيل بالتطبيع معها.. ويبدو أن إسرائيل تسعى لقبض ثمن الخروج من غزة وتحاول تكريس هذه الخطوة كإنجاز سلمي كامل، على الرغم من أن الانسحاب من غزة يأتي تلبية لاحتياجات أمنية إسرائيلية وليس كجزء من عملية سلمية كاملة..
فإسرائيل تخرج من غزة لكنها تكرس في ذات الوقت احتلالها لأجزاء كبرى من الضفة الغربية فهي أكدت أنها مقابل الانسحاب من غزة فإنها ستحتفظ بالكيانات الاستيطانية الكبرى التي تشغل مساحات شاسعة من الضفة، وقد أيدتها الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك، كما أن جدارها العازل الذي يتلوى في الضفة يقتطع بدوره مساحات كبرى من الضفة..
ومن ثم يصعب القول مع ذلك إن دولة فلسطينية يمكن أن تنشأ، إذ إن الأرض المخصصة لها تشغلها المستوطنات ويخترقها الجدار العازل في جميع أجزائها..
فإسرائيل تخرج من غزة من أجل تثبيت وجودها في الضفة الغربية، وهذا أمر ينطوي على مخاطر جمة على التسوية الشاملة، خصوصاً مع تأييد دول أخرى هذا المفهوم الإسرائيلي المغلوط الذي لا يمكن أن ينطلي على أي كان إلا إذا كان هؤلاء الذين يعترفون بهكذا صيغة يحاولون مسايرة إسرائيل في كل ما تفعل حتى ولو كان ما تطرحه خاطئاً..
إن ما يحدث من قبل إسرائيل والذين يؤيدونها في مثل هذا الطرح ليس أكثر من استخفاف بالعقول في أفضل الأحوال، فهو نوع من القهر السياسي ومحاولة لفرض أمر واقع، ومثل هذا السياسات القهرية هي المسؤولة عن المصاعب الناشئة في طريق التسوية وكل المصاعب التي تضفي قدراً من التوتر بين أطراف التسوية..
وهكذا فإن الدعوة التي قالت الصحف الإسرائيلية إن واشنطن وجهتها لعقد قمة بين الدول العربية وإسرائيل عقب اكتمال الانسحاب من غزة تدل على ضرورة مكافأة إسرائيل على الانسحاب باعتباره تسوية تستوجب التطبيع وهو ليس كذلك..