كلمة ضافية جميلة، كتبها الأخ الدكتور عاصم حمدان يوم الثلاثاء 28-5-1426هـ في المدينة، حول أساليب الكبار وتراجعهم فيما شجر بينهم من خلافات في الرأي، هبطت في أحيان كثيرة إلى مستوى لا يليق بكبار النفوس، لكنهم بمرور الأيام تراجعوا حين هدأت حالهم، وأعرضوا عن نشر ذلك القذى الذي صدر عنهم، وهذا مسلك النفوس الكبار أن تتراجع حين تدرك خطأها، وأنه لا خير فيما قالت وما قيل فيها، ذلك أن العقل نور أودعه الحق في الإنسان ليقوده إلى الخير ويحميه من الشر!. * أكبرت الأخ عاصم فيما كتب، مذكراً بأن الخير هو الباقي، وما عداه محسوب على صاحبه، كما أن الإحسان محسوب له، وأن التسامح في الحياة أبقى وأنقى وأحق بأن يسود في حياة الناس، وإن اختلفوا وحل بهم من الإحن ما دفعهم إلى أن يتنابزوا بالألقاب والاغتياب، وتملأ نفوسهم الشحناء فلا يرون إلا الأثرة والنزاع الذي يسود العلاقات، بدل الود والإيثار اللذين تتحلى بهما نفوس الكبار، لأن الخير أقوى وأبقى وهو سماح وعنوان التغلب على النفس حتى وإن ظلمت وخرجت عن رضاها بغزو الغضب لها.. إنها خصال حميدة كريمة عزيزة وغالية، وأثنى الكتاب العزيز على الذين إذا مروا باللغو مروا كراماً، إنهم عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، تغلبوا على نفوسهم، ولم تتغلب عليهم نفوسهم، ولعلهم الذين يدعون ربهم: اللهم انصرنا على أنفسنا حتى لا نضل، وانصرنا على أعدائنا حتى لا نذل. ** وأذكر أن ثمة حالات أخرى من النقد الجارح والهجو المقذع، وقعت في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، نشرت في صحيفة البلاد السعودية، لعل منها مقال للأستاذ الكبير محمد حسن عواد رحمه الله، عنى به الأستاذين الكبيرين أحمد عبدالغفور عطار وعبدالقدوس الأنصاري، ولن أسمي عنوان المقال ترفعاً، لاسيما وأن الكاتب والمعنيين بالمقال انتقلوا إلى رحمة الله. * لن أطيل في هذه الوقفة، لأن موضوع الهجو وإثارة النعرات الجاهلية السيئة غير جديرة بالحديث، لأنها إدماء جروح وإساءة و- كش تراب - كما يقال، وأن الذكر الحسن وبث المعروف والسماح وتجاوز ما يتعلق بالكراهية والإحن، والترفع عنه من الخلق العالي الدمث، ولابد من التجاوز عن الإساءة، ليتجاوز الله بفضله عن الذين يؤثرون المعروف والجميل، فذلك هو الأبقى والأسمى!. * أجدد التحية والشكر والتقدير لأديبنا وكاتبنا العزيز الدكتور عاصم حمدان، الذي يدعو إلى الرفق، لأنه كما يقول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: (ما دخل شيئاً إلا زانه).. ما أخلقنا في معاركنا الأدبية وغيرها، أن نسلك سبيل الخير والإحسان، وأن نجعل للحب في الله مرجعية، وننتصر على أنفسنا، لنكون خيرين، نؤثر الجميل، ونغرس المعروف.. وصدقت يا سيدي الفاروق رضي الله عنك وأرضاك، وأنت القائل: عجبت لمن يشتري العبيد بماله، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه!؟.
|