إن من يتأمل سوق الأسهم في المملكة، يدرك أن هناك عدداً من الجوانب المتعلقة والمحيطة به تدعو إلى التعجب، ومن ذلك ما يلي: 1- أتعجب من ذلك الشخص الذي يشتري سهم شركة دون معرفة الوضع المالي لتلك الشركة، في ظني ان ذلك يعتبر ضرباً من الجنون، ولكن الأكثر جنوناً أن يقوم الشخص بذلك من خلال مدخراته الأساسية التي يأكل بها قوت عيشه وعائلته، أما قمة الجنون فتتمثل في ذلك الشخص الذي يقوم بذلك من خلال دخوله في تسهيلات بنكية. 2- أتعجب من تمركز نسبة كبيرة من السيولة (استثمارات ومدخرات) في سوق الأسهم خاصة بعد هجره الكثير من المستثمرين من القطاعات الاقتصادية التنموية الأخرى. في ظني أن تركز تلك الأموال الضخمة في قطاع لا يضيف إضافة ملموسة للناتج المحلي الإجمالي كما أنها لا تسهم في توفير فرص عمل إنما يعد مؤشراً خطيراً ستتضرر منه القطاعات الاقتصادية كافة وأولها سوق الأسهم نفسه. كما أنه مؤشر يوحي بعدم وجود التخطيط الاقتصادي السليم لدينا، ولذا فمن الأهمية على الجهات المعنية التحرك العاجل لتدارك وإيجاد السبل المشجعة على تنوع القنوات الاستثمارية الأخرى. 3- أتعجب من ذلك الشخص الذي يبالغ في حجم الربح الذي يريد تحقيقه من سهم شركة ما دون فهم صحيح للركائز التي يقوم عليها ذلك السهم. وإذا كانت القنوات الاستثمارية الاعتيادية تمنح ما بين 3% إلى 10% سنوياً، فلماذا يبقى الشخص في سوق كله مضاربة إذا كان قد حقق أكثر من مائة في المائة (100%) من قيمة محفظته. نصيحة لصغار المتداولين الذين دخلوا السوق وحققوا أرباحاً جيدة أن يهجروا السوق قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم. 4- أتعجب من مبالغة البنوك في حجم العمولة التي يتقاضونها من المتداولين في السوق، حيث يلاحظ تضخم عمليات البيع والشراء في السوق سواء من حيث إعداد الأسهم أو حجم المبالغ المتداولة والتي أصبحت تبلغ عدة مليارات في اليوم الواحد نظراً لسيطرة روح المضاربة على غالبية المتداولين في السوق، اعتقد بأن هناك مبالغة غير مبررة في حجم العمولة التي تفرضها البنوك على المتداولين عند بيع وشراء الأسهم. أقترح أن يتم تطبيق نسبة العمولة على المشتري فقط دون البائع وذلك على غرار ما هو معمول به في قطاع العقار، مما يعني أن المتداولين في السوق لا يدفعون عمولة للبنك إلا في حال الشراء فقط. 5- أتعجب من وجود شركات في السوق لا تحقق غالبية أرباحها من النشاط الأساسي لها وإنما تحققه من خلال عمليات مضاربة في أسهم الشركات الأخرى في السوق. في ظني ان هذا مؤشر خطير وعلى هيئة سوق المال سرعة التحرك لوقف مثل تلك التجاوزات. 6- أتعجب من أولئك المتداولين الذين يلقون باللوم على الدولة وعلى هيئة سوق المال بعدم التدخل من أجل وقف أي نزول تصحيحي للسوق. فهؤلاء المتداولون لا تسمع لهم صوتاً عند استمرار الصعود المبالغ فيه، أما عند نزول السوق فالاتهامات توجه للجميع. 7- أتعجب من بعض المحللين للسوق في بعض الصحف والفضائيات ففي الوقت الذي كان مؤشر السوق يلامس الأربعة عشر ألف نقطة، وفي الوقت الذي نجد فيه ان أغلب إن لم يكن جميع أسعار الأسهم في السوق يغلب عليها المبالغة في السعر، ولا تعكس المركز المالي الحقيقي للشركة، نجد ان هؤلاء المحللين يؤكدون على ان السوق لا تزال مغرية للشراء، وأن كثيراً من أسهم السوق لديها مجال كبير للصعود. 8- أتعجب من عدم الشفافية الكاملة من قبل هيئة سوق المال من حيث عدم الإفصاح عن أسماء رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات في عدد من الشركات المساهمة الذين ارتكبوا تجاوزات ومخالفات حققوا من خلالها أرباحاً طائلة ولكنهم أضروا بالغير. فالشفافية مطلوبة والعقوبات يجب أن تكون رادعة حتى تتمكن الهيئة من بث روح الثقة لدى جميع المتداولين في السوق.
|