ما زال البعض من الباحثين ولاسيما أصحاب الأطروحات العلمية يغلب عليهم طابع السرعة في كتابة بحوثهم وأعتقد أن هذه الفئة تنقصها أشياء كثيرة أهمها الإتقان والجودة لأن المسألة ليست كتابة بحث بل المهم الفائدة التي يمكن أن يقدمها البحث لمؤسساتنا العلمية المتنوعة التي هدفها خدمة أبناء هذه الأمة. والعاملون في مراكز خدمة البحث العلمي مثل المكتبات المتخصصة والأكاديمية والعامة يلاحظون هذه التصرفات من خلال التعامل مع هؤلاء الباحثين وعندما تتحدث إليهم لمعرفة الأبحاث التي يمكن أن تخدم بحثهم تجد أنهم يتحدثون بقلق تام ويريدون أن يحصلوا على المعلومة بشكل سريع، المهم يريدون أن يكتبوا أي شيء ولا يفكرون في الجودة. نظرتهم إلى المدة المحددة للبحث والتي تحدد عادة بسنتين أو ثلاث سنوات فعندما يتم الموافقة على خطة البحث من قبل القسم العلمي يشرعون في الكتابة وهم على عجلة من أمرهم دون تريث وهذا السلوك يناقض منهج البحث العلمي الذي يركز على قوة المادة العلمية وتأثيرها في أحداث تغيير وتطوير في مؤسسات المجتمع فكل ما كان البحث في درجة عالية من الإتقان انعكس على حركة البحث العلمي. وأذكر بالمناسبة بعض الباحثين الذين يترددون على مكتبة مكتب التربية العربية لدول الخليج يعضون أصابع الندم والحسرة على تسرعهم في كتابة بحوثهم عندما يتفاجأون بوجود معلومات مهمة تخدم أبحاثهم وقد سبق ذلك أن تقدموا برسائلهم إلى الفريق المناقش لقراءتها مما يجعل الإضافة مستحيلة اللّهم الا بعد المناقشة وخصوصا إذا رغب الباحث أن يقوم بنشر رسالته على شكل كتاب فمن خلال هذه المقالة أطالب الإخوة الباحثين والباحثات أن يقفوا وقفة صادقة مع أنفسهم وأن يستشعروا رسالة البحث العلمي والدور المطلوب منهم لخدمتها بعيدا عن (البرستيج) من خلال البحث عن اللقب الاسمي فقط وهذا لا يتم إلا من خلال الجد والمثابرة والصبر فالمعلومة تحتاج إلى بحث وتتطلب السفر إلى مراكز المعلومات داخليا وخارجيا والاتصال على العالم والمفكر فلان والاستعانة بأصحاب الخبرة والمرتبطين بالبحث العلمي ويفترض أيضا من المسؤولين عن الأقسام العلمية المعنية بالبحوث في الجامعات توجيه الطلاب إلى الكتب والأدلة التي فيها استخدام المهارات عند كتابة البحوث، كذلك من الأمور التي تسهل على الطلاب في كتابة البحوث مطالبة الأقسام العلمية في جامعاتنا السعودية أن تعرض قائمة بالأبحاث التي تحتاجها التنمية في بلادنا لاختيار ما يناسبه منها لأنني لاحظت بعض الباحثين يسأل عن أدلة الرسائل العلمية وملخصات الأبحاث وعندما تسأله لماذا؟ يقول: الاستفادة منها في اختيار بحثي وأن كان هذا التوجه سليماً من الناحية العلمية والقيمة الإبداعية ولكن واقعنا الحالي لا يسمح بذلك لأنه يوجد الكثير من المعوقات والظواهر الاجتماعية والاقتصادية والتربوية تحتاج إلى معالجة فورية ومتى ما قضينا عليها يمكن ان تأتي عملية اختيار البحوث من الباحث مباشرة كخطوة أخرى. هذا ما نرجوه وبالله التوفيق.
|