حوار زانته الصراحة والمصداقية تفضَّل به مدير التحرير الأستاذ جاسرالجاسر بصحبة ضيوف إحدى حلقات برنامج (أبعاد) الأسبوعي على قناة الإخبارية يوم السبت قبل الماضي وكان محور الحلقة السياحة الداخلية بالمملكة والتي أثراها أبو عبد العزيز بصراحته المعهودة, فالمتابع لكتاباته الصحفية بزاوية أضواء وكذلك في مقابلاته التلفزيونية يلمس القارئ والمشاهد في حديثه وتحليله لبعض أحداث الساعة من مصداقية وواقعية بدون تتويه, وهذا ليس مدحاً للرجل بل حق يجب ذكره.. وبالنسبة لما دار في تلك الحلقة بالذات من حديث وجدته يصب في الصالح العام, وما طرحه الأستاذ الجاسر من تساؤلات وعوائق ملموسة تعيشها السياحة داخل المملكة صحيحة لا أحد ينكرها ونلمسها حقيقةً نحن الشباب خصوصاً.. وإليكم هذا الواقع المر الذي يتغافل عنه الكثيرون ولا يستطيع أحد حجبه، فمع انتهاء العام الدراسي وبداية الإجازة الصيفية لثلاثة أشهر متواصلة.. تبدأ متاعبنا نحن الشباب أينما ذهبنا فكلما قصدنا منطقة سياحية ننشد فيها راحة البال لا نجد من يستقبلنا وإليكم مشاكلنا، فعندما نقصد الفنادق والشقق المفروشة في المناطق السياحية للسكن, فإننا وبمرارة نعامل معاملة الغرباء ونمنع من دخولها كالنزلاء الآخرين لسبب كوننا عزاب والتعلّل بأنها مخصصه (للعوائل فقط), وإذا منَّ الله علينا بمن يقبلنا وننزل عنده فإننا لا نسلم من أسعار السكن الخيالية التي تقصم الظهر, والجميع يعلم بأن رواتب الأغلبية منا ضعيفة لا يستطيع البعض تحمل تكاليف دفعها في تلك المناطق إلا من رحم الله, وزد على ذلك بعدها عن المناطق الترفيهية، فما بالك بمن معه عائلة (كان الله في عونه) فعليه أن يأخذ قرضاً من البنك أو سلفةً من أحد أقربائه لكي يفرح أبناءه الناجحين بقضاء أيام سعيدة بمنتزهاتنا هنا وهناك. ويا ليت المشكلة تقف على المسكن فما هي إلا البداية حتى نقع بمشكلة أكبر منها وهي كلما قصدنا منتزهاً بعينه ننشد فيه راحة البال والتمتع بالجو العليل والطبيعة الخلاَّبة التي وهبها الله تلك المناطق, فإننا نصدم وللأسف بمقولة في كل مكان نقصده (للعوائل فقط) فيضطرنا الوضع للذهاب للأماكن المنعزلة والبعيدة عن الخدمات والمنتزه، وكأننا نسبِّب العدوى للآخرين ويجب عزلنا عن الجميع، وعندما ننشد السياحة خارج المملكة فإننا لا نسلم كذلك، بل نحارب ونتهم بكذا وكذا، وهذا ما حصل مع إحدى المتصلات في البرنامج السالف الذكر من الدمام على ما أعتقد.. والتي اتهمت الشباب بغير وجه حق, وهذا كلام مردود على الأخت وكان على المتصلة هداها الله أن تخص ولا تعم، ولحسن الحظ أن هذه المتصلة وقعت في إحراج كبير لم تستطع الإجابة عليه عندما سألتها مقدِّمة البرنامج أين ستقضي إجازتها هذا العام فقالت سأقضيها في تركيا، فبالله كيف يعقل هذا الأمر تذهب هي للسياحة في الخارج ونحن الشباب ممنوعون ويجب علينا البقاء، صراحة لا نلوم الشباب عندما يسافر للخارج لما يجده من ازدواجية في التعامل، لذا فإنني أتفق جملةً وتفصيلاً مع الأستاذ جاسر الجاسر (المنصف والواقعي) صراحةً في رده على أحدهم، حيث قال له إنك تتكلّم بمنظور الأثرياء عندما تقول إن السياحة داخل المملكة مميزة وجميلة وإنني أقضي إجازتي مع عائلتي ومن هذا الكلام المعسول وكأنها الحقيقة، فقد خالف الصواب وما كلامه سوى للاستهلاك المحلي، فلو أنه نزل لمستوى تطلعات الشباب لوجد الحقيقة التي لا يريد سماعها هو وغيره ممن يدعون للسياحة الداخلية. وعندما يتساءل البعض: لماذا يلجأ الشباب للسفر خارج المملكة.. أجزم أن من أهم الأسباب قطعاً بعد الأسباب التي ذكرتها آنفاً، تأتي التكلفة المادية العالية للسياحة الداخلية وقلة التكلفة في الدول المجاورة في السكن وفي المنتزهات وفي المعيشة، فلو أنك تضع ميزانية (10000) ريال مثلاً لقضاء إجازتك وتضع مقارنه فإن تلك الميزانية ستكفيك لمدة شهر على الأقل مع عائلتك في إحدى تلك الدول، ولو صرفتها داخل المملكة في المناطق السياحية الجنوبية والشاطئية فإنك ستنهي رحلتك لا محال في أقل من 10 أيام.. فانظروا الفرق؟!. ولا ننسى كذلك مشكلة الأسعار العالية لتذاكر السفر داخل المملكة، وما يزيد الطين بلة قلّة الرحلات بين المدن والمحافظات وكثرة الحجوزات، والمحظوظ من يجد حجزاً في وقت قريب. ومن يستخدم الطرق البرية قاصداً المناطق فإن تلك الفترة من العام تكثر فيها الحوادث العنيفة التي يذهب ضحيتها عوائل بأكملها بسبب قدم الطرق المؤدية إلى المناطق السياحية وضيقها وكثرة الجمال السائبة على أطرافها كطريق الخرمة - رنية - بيشة - الخميس الذي شهد حوادث مأساوية في السنوات القليلة الماضية لا تنسى من بشاعتها. في نهاية تعقيبي هذا أقول نحن نؤمن بأن لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، وأن كل مشكلة تواجهنا سنجد لها حلاً بإذن الله، وهذه دعوة لسمو الأمين العام للهيئة العليا للسياحة الأمير سلطان بن سلمان أن تجد الهيئة بتوجيهاته النيِّرة حلولاً جذرية لكل مشكلة تعترض مشروع السياحة داخل المملكة بالتعاون مع الوزارات ذات الصلة واستثمار رجال الأعمال في تلك المناطق، وفي اعتقادي أن أغلب الشباب سيترك من تلقاء نفسه فكرة السفر إلى الخارج لأجل السياحة الداخلية. أما إذا عدمت الحلول.. فمن يلوم الشباب عندما يبحث عن السياحة الخارجية؟!! .
Mtt669@hotmail. com |