- شاء المولى عز وجل ولا راد لمشيئته أن ينتقلا للفريق الأعلى تباعاً، لم يفصلهما سوى يوم واحد. - زميلان في المهنة والرسالة والمدرسة. - فالفقيد المربي الفاضل عبدالسلام بن محمد الدعيج انتقل الى جوار ربه صباح الخميس الموافق 16 من جمادى الأولى 1426هـ والمعلم الفاضل سليمان بن محمد الحمداني يوم السبت 18 من جمادى الأولى 1426هـ. - يومها بكت مرات لرحيلهما وحق لها ذلك فالمصاب جلل والواقعة أليمة ولا راد لقضاء الله جل في علاه، فقد كانا انموذجا فريدا في العمل والتعامل. - أحبا الناس فأحبهم كل الناس (والخلق شهداء الله في أرضه) وتأثرت النفوس لموتهما وتحجرت الدموع في المآقي لفراقهما وكان يوماً مشهوداً حينما ودعتهما تلك الجموع الحاشدة التي حملتهما على اكتافها تسابقها دعواتها تهطل على نعيشيهما كقطرات الندى او كهتان المطر البارد. - ألسن تهلج بالدعاء. - وقلوب تتفطر حزنا. - وأعين أنهكها البكاء. - وأكف ضارعة للمولى جلّت قدرته. - وأنا -أعوذ بالله من الأنا- أحاول عبثاً حبس عبراتي وكبح جماح دموعي ومداراة أحزاني فلا استطيع فالموقف أكبر من احتمالي. زخات من الهموم تلفني وأوجاع تظللني منذ تلقيت خبر رحيلهما من هذه الدار الفانية. - زاملتهما ثلاثاً مرّت وكأنها ثوان. عرفت منهما معنى الصبر والاحتساب والتجلد وعرفت عنهما قوة الإرادة والعزيمة وعرفت فيهما الطيبة وحسن المعشر ونكران الذات. - شريط من الذكريات معهما انساب أمام ناظري وعلى مسمعي في اغفاءة حزن لفها السكون وخيّم على جنباتها الوجوم. - فإذا بصوتهما مازال صداه في اذني وهما يجاهدان من أجل ايصال المعلومة لابنائهما الطلاب داخل الصف. - وبهمسهما لي بما يعانيه كل منهما رغم تجلدهما واحتسابهما. - ما من محادثة مع أحدهما إلا ويوصيني بأبنائه الطلاب خيراً. - حادثني (عبدالسلام) عليه شآبيب الرحمة قبل موته بفترة وجيزة وكان حريصاً رغم كلماته المتقطعة وحروفه المتناثرة وصوته المبحوح على ما آلت إليه نتائج أبنائه طلاب الصف الثالث تحفيظ وكان شديد الحرص ملحاحاً على تسجيل وتأكيد حضوره للمدرسة بعد انتهاء إجازته المرضية لكن قضاء الله كان أقوى من تلك الرغبة.ومثله كانت آخر مكالمة لي مع الفقيد (سليمان) رحمه الله، كان خلالها يستحثني ألا اثقل كاهل زملائه ويُحمّلني أمانة ان يغفر له الجميع -غفر الله لنا وله- ولم ينس رغم معاناته ان يطمئن على مناشط المدرسة وما آلت إليه نتائج تقويم الأنشطة كونه -رحمه الله- رائداً للنشاط بالمدرسة. - لم يبق إلا الدعاء لهما جميعاً بالمغفرة والرضوان. - وليس بوسعي غير الصبر والتجلّد. - وعزاؤنا جميعا انهما سيبقيان في الوجدان وستظل ذكراهما عطرة ما بقينا وبما خلفاه من أبناء بررة صالحين بإذنه تعالى. فإلى جنة الخلد.. جنة عرضها السموات والأرض.
|